رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

فصل

صفحة 32 - الجزء 1

  وزاد شيخنا أبو عبد الله بن الكرام حتى عد قدماء كثيرة وسماها أعراضاَ و أغياراَ. فكفرهم المعتزلة بذلك، وذكروا في ذلك حججاَ وتلوا: {لَقَد كَفَرَ الَّذينَ قالوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِن إِلهٍ إِلّا إِلهٌ واحِدٌ}⁣[المائدة: ٧٣].

  وذكروا أن نصرانياَ كان يناظر بالكلام في الكلام، فإذا أتاه مجبر قال: أليس أن الله خلق في الكفر وأنا لا أقدر على تركه؟ فيقول: نعم، فيقول: فما معنى مناظرتك لي؟ وإذا أتاه مشبه قال: أنت يا أخي زدت علي! فإني قلت ثالث ثلاثة وأنت تقول رابع أربعة وخامس خمسة وتاسع تسعة، وإذا جاء المعتزلة قال: خذ السلاح وآخذه فالقتال بيني وبينك.

فصل

  فكرت وقلت: إن ألقيت إليهم عبادة الوثن لا يقبلون، فألقيت ما هو في معناها وهو أن الله ذو صورة و أعضاء، له وجه وجنب ويد وساق وعين ولسان، وأنه جسم. أما المعتزلة فقابلوني بالرد وقالوا: هذه عبادة الأوثان ونعوذ بالله من نزغات الشيطان، وذكروا أن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا يشبه شيئاَ، وأنه تعالى ليس له أعضاء ولا أكفاء ولا أنداد ولا أضداد، وأنه واحد {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ}⁣[الشورى: ١١]، وأنه لو كان جسماَ لكان مؤلفاَ مركباَ مصوراَ محدثاَ - تعالى الله عن ذلك. وأما