فصل
  النظر فأوقعوا أنفسهم في تيه مجادلة المعتزلة. فقلت لابد فيهم من تدبير، فألقيت إليهم أن اليد ليس هو الجارحة وإنما هو صفة للباري، وكذلك العين والساق والجنب صفات، وأن الاستواء على العرش ليس هو الاستقرار ولكن صفة له.
  فقالوا: أحسنت أنت! وطلبقوني ودمعزوني وناظروا في ذلك ودونوا وصنفوا.
  وأنكرت المعتزلة ذلك أشد الإنكار، وبدأوا بالرد عليّ وعليكم بأن هذا لا يعقل وهو فاسد لا دليل عليه، وهل هذا إلا نصرة عباد الأصنام وهدم الإسلام. والله المستعان.
فصل
  فكرت وقلت: ليس في إثبات التشبيه أمر أقوى من إثبات الرؤية، فألقيت إليهم أنه تعالى يرى، فوافقتموني فيه وقررتم عيني ورويتم فيه الأحاديث ووضعتم الأسانيد، ورويتم أن محمداَ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - رأى ربه ليلة المعراج وأنه قعد معه على عرشه، وتأولتم الآيات على ذلك.
  وقامت المعتزلة في الرد علي وعليكم، وقالوا الرؤية توجب التجسيم والتجسيم يوجب الحدوث، واحتجوا بقوله تعالى: {لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ}[الأنعام: ١٠٣]