فصل
  وسأل عدلي مجبراً عن قوله تعالى: {إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا}[النساء: ٧٦] هذا الكيد كيد الله أم كيد غيره؟ فإن قلت: كيد الله فكيده ضعيف، وأن قلت كيد غيره فهو ما نقول، إن كيد الله حق وكيد الشيطان باطل. فانقطع.
فصل
  جمعت يوماً بين معتزلة الجنّ ومجبرة الجنّ للمناظره، فقال معتزليّ: يلزم على مذهب الجبر هدم الدّين. فقيل: لِمَ؟ قال: خذوا: إنّهم يلزمهم نفي الصانع لأنّهم إذا لم يثبتوا في الشاهد صانعاً فاعلاً لم يكن في الغائب ثابتاً، ويلزمهم نفي النبوّات لأنّهم إذا أجازوا على الله كلّ قبيح لا يؤمن أن يظهر المعجز على كذّب وأن يبعث رسولاً يدعوا إلى الظلال، ويلزمهم أن لا يكون للبعثة معنى لأنّه إذا اضلّ احداً فلا معنى للبعث إليه وإذا هدى أحداً فلا معنى وإذا كان هو الخالق لهذه الأفعال فلا معنى للرسول والكتاب، ويلزمهم ابطال الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاستحالة تغيير ما فعله هو فكأنه أمر بالجهاد لإعدام ما يوجده هو وإيجاد ما يعدمه هو، ويلزمهم أن لايصح إثبات عالم لأن الفعل خلقه ولأنه يوجد بقدره موجبة، ويلزمهم أن يصح فعل الأجسام من العبد لو وجد فيه القدره، ويلزم بطلان الأمر والنهي والمدح والذمّ لأن الأفعال مخلوقة فيهم وهم مجبرون عليها، ويلزمهم تكليف مالا يطاق وتكليف العاجز والزمن بالمشي والأعمى بالنظر. وأخذ يعدد ذلك والقوم سكوت وهو يوبخهم، حتى تفرقوا على أسوأ حال.