الباب الخامس في خلق الأفعال
الباب الخامس في خلق الأفعال
  فكرت وقلت لا شيء أقوى في هذا الباب من نفي الأفعال عن العباد وإضافتهما إلى الله، فألقيت إليكم أن جميع ما يظهر من العباد من خير وشر وإيمان وكفر وقبيح وحسن وطاعة ومعصية فهو خلقة تعالى ولا تأثير للعبد فيه، وإنما ينسب إليه كما تنسب الحركة إلى الأشجار والجري إلى الأنهار والنضج إلى الثمار، فكذلك نسبة الكفر إلى الكفار والطاعة إلى الأبرار. فقبلتم ذلك مني أحسن قبول و دنتم به وناظرتم عليه.
  و أنكرت المعتزلة ذلك، وقالوا هذا يبطل الأمر والنهي والوعد والوعيد والحساب والثواب والعقاب والكتب والإرسال والجزاء والسؤال.
  فأما شيخنا جهم فقام على رأس الأمر، ولم يلتفت إلى كلامهم ولا تفكر في ما أوردوه من حججهم، وقال: من يبالي بسبالكم ومن يلتفت إلى أقوالكم؟ وأما سائر الشيوخ فتركوا الطريق وناظروهم حتى انقطعوا و افتضحوا.
  فألقيت إليكم حيلة ومكيدة بأنه خلق لله وكسب للعبد، ففرحتم به و أوردتموه عليهم. فقالت المعتزلة: هذا تلبيس وتدليس، إذا كان الفعل