رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السابع في الإرادة و الكراهة

صفحة 93 - الجزء 1

الباب السابع في الإرادة و الكراهة

  فكرت وقلت من أصول هذا الباب مسألة الإرادة، فألقيت إلى الناس أنه تعالى مريد بذاته أو بإرادة قديمة وأنه يريد جميع المعاصي والكفران ويكره من الكفار إيجاد الإيمان، وأنه أراد قتل الأنبياء والمؤمنين وأراد عبادة الأوثان وسب نفسه. فقبلتم مني ووافقتموني عليه و دنتم به وناضلتم عنه.

  وأنكرت المعتزلة ذلك أشد الإنكار، وقالوا: هذا يخالف الدين، وتلوا {وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلمًا لِلعِبادِ}⁣[غافر: ٣١] وقالوا: إرادة القبيح قبيحة والحكيم لا يريد سب نفسه ولا قتل أنبيائه، وكيف يأمر بشيء ثم يكرهه؟ وكيف ينهي عن شيء ثم يريده؟ قالوا: وقد فعل الله تعالى غاية ما يدل على أنه لا يريد المعاصي من النهي والزجر والإيعاد بالعقاب وإقامة الحدود وإيجاب اللعن.

  حضر جماعة من المعتزلة مع المجبرة، فقال معتزلي لمجبر: ما الذي أراده الله من فرعون؟ قال: الكفر. قال: وما الذي أراده إبليس منه؟ قال: الكفر. قال: وما الذي أراده فرعون؟ قال: الكفر. قال: وما الذي أراده موسى؟ قال: الإيمان. قال: فإذا هو المخالف لله وأما إبليس وفرعون فوافقاه. فانقطع.

  حضرني جماعة منهم يوماً فجرت هذه المسألة، فقالت بعض المعتزلة: لعن الله الشيطان وجنده حيث خالفوا الرحمن وحزبه. فقال بعض المجبرة: