الباب الحادي عشر في الآجال والأموات والأرزاق
الباب الحادي عشر في الآجال والأموات والأرزاق
  رأيت من عظيم هذا الباب أمور الدماء والأموال، فوجدت لنفسي المجال. فألقيت إليكم أن الحرام والغصوب كلها أرزاق من غصبها وأكلها أسهل عليهم أمور الأموال ليسهل الغصب والظلم. فقبلتم ذلك.
  وأنكرت المعتزلة وقالوا: الحرام لا يكون رزقاً، ولذلك مدح الله المنفق مما رزقه وذم الغاصب على غصبه وأمر السارق بقطع يده وقاطع الطريق بقتله وصلبه، ومن المحال أن يجعله رزقه ثم يعاقبه عليه.
  فلما رأى بعض مشايخنا هذا الإلزام قالوا: بأي شيء نستريح من هؤلاء المعتزلة؟ فقالوا: الأموال والفروج كلها على الإباحة،؟ والمنع ذنب، وليس في المظالم عقوبة ولا في الظلم تبعة، فعند ذلك تحيرت المعتزلة وقالوا: ما نقول لهؤلاء؟ وسمونا الإباحية.
  وحكى معتزلي أن الصاحب شكى إليه بعض السراق فسأله عن حاله، قال: فلما بلغنا مكان كذا فإذا قضاء الله وقدره كان بأن يسرق منا. فقال الصاحب: تمسك بهذا السارق فأنا لا أقدر على دفعه.
  وقيل لمجبر: أليس الله خلق السرقة في السارق وجعل المسروق رزقا له؟ قال: نعم. قال: فما بال قطع يده وذمه ولعنه؟ فسكت وقال: لا اعتراض على الرب.