فصل
  (وقوله ÷: «من كتم علما ممَّا ينفع اللهُ به ...» الخبر) تمامه: «في أمر الدين ألجمه اللهُ يوم القيامة بلجام من نار»، ونحو ذلك.
  قال #: (قلت وبالله التوفيق: ويجب أيضاً أمر العارف بالمعروف ونهي العارف بالمنكر، وإن لم يحصل الظن بالتأثير) ليكون ذلك عذراً إلى الله تعالى بالخروج من عهدة الواجب وتأكيد الحجة على المأمور والمنهي؛ (لقوله تعالى: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون}[الأعراف: ١٦٤] والمعذرة إلى الله تعالى لا تكون عما لا يجب) فثبت بأن الواعظين فعلوا ما يجب عليهم، (وإنما يجب ذلك) أي: أمر العارف ونهيه وإن لم يحصل ظن التأثير (رَيْثَمَا يتحول المتمكن من الهجرة إليها) أي: في مدة تحول المتمكن من الهجرة إليها؛ لأنه إن لم يكن لأمره ونهيه تأثيرٌ، ولا كان في بقائه مصلحة عامة، ولم يكن من المستضعفين وجب عليه الهجرة من دار العصيان إلى غيرها؛ (لما يأتي إن شاء الله تعالى).
  قال #: (وتجويز ما يقع على الآمر والناهي بسببهما) أي: بسبب الأمر والنهي (من نحو تشريدٍ وانتهاب مالٍ له غير مرخِّص له في الترك وفاقاً لكثير من العلماء؛ لقوله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور}) [لقمان: ١٧].
  (وقوله ÷: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر») مع أنه يُجوّزُ عند ذلك حصول تشريدٍ وسلب مالٍ ونحو ذلك، (وقوله ÷: «اجعل مالك وعرضك دون دينك ..» الخبر، أو كما قال، وكالجهاد) فإنه يُجَوّزُ معه ذلك الضرر، ولا يكون ذلك التجويز مُرَخِصاً في ترك الأمر والنهي.
  (وحصول القدرة على التأثير مع ظن الانتقال إلى منكر غيره) سواءٌ كان مساوياً أو زائداً أو دونه (لا يُرَخِّص في الترك) للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ (لأنَّ هذا) الذي حصلت القدرة عليه (منكر معلوم، وذلك) المنكر الذي ظَنَّ وقوعه بسبب النهي عن المنكر المعلوم