لباب الأكياس في توضيح معاني الأساس لعقائد الأكياس،

لا يوجد (معاصر)

فصل

صفحة 196 - الجزء 1

  (نحو قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}⁣[طه: ٨٢]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}) [التحريم: ٨]، بعد التوبة والعمل الصالح، (وقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}⁣[النساء: ١١٠]، ونحوهما⁣(⁣١) من صرائح الآيات) التي لا إجمال فيها والدالة على أن الله تعالى يغفر الذنوب بالتوبة.

  (قالوا: القرآن مملوءٌ من نحو قوله تعالى: {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين}) [يوسف: ٦٤].

  (قلنا:) هي (مجملات) أيضاً كما سبق ذكره في نظائرها (فيجب حملها على قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم}) [التوبة: ٧١] فقيد الرحمة بهذه القيود التي هي شروط الإيمان، (و) على (قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُون}⁣[الأعراف: ١٥٦]، ونحوهما من صرائح القرآن) الدّالة على أن الله تعالى يقبل عباده ويدخلهم في رحمته مع التوبة والعمل الصالح.

  (قالوا: يحسُن في العقل العفوَ عن المسيء) وإذا كان حسناً فلا مانع منه في حقه تعالى.

  (قلنا: لا يحسن حيث عُلِمَ عدمُ إقْلَاِعِه، ألا ترى لو أنَّ سلطاناً إذا عَرَفَ من عبده) فعل (الفاحشة مع حريمه، وهو يعلم أنه لا يرتدع إن عفا عنه بل يعود إلى الفاحشة - أنَّ العفو عنه لا يحسُن في العقل، وهم) أي: أهل الكبائر من أهل الصلاة وغيرهم (لم يُقلعوا عن الإصرار) على فعل المعصية؛ (لأن توبتهم) عند رؤية العذاب (لم تكن لأجل وجه القُبْح، بل لما وقعوا فيه من العقاب) الأليم؛ (و) ذلك (لقوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}) [الأنعام: ٢٨]، وهذا قول أصدق القائلين المطلع على أسرار قلوب عباده، فثبت بهذا ما ذهب إليه أئمتنا $، وجمهور المعتزلة من خلود الفُسَّاق في النار.


(١) لفظ المتن في الشرح (ونحوها). تمت.