فصل [في ذكر شفاعة النبي ÷]
فصل [في ذكر شفاعة النبي ÷]
  لا خلاف في ثبوتها بين الأُمة، وأن المراد بالمقام المحمود الذي وعد الله به نبيه ÷ يوم القيامة هو الشفاعة المقبولة، وإنَّما الخلاف في المستحق لها.
  فقال (أئمتنا $ وجمهور المعتزلة: وشفاعة النبي ÷ لأهل الجنة من أمته يُرَقِّيهم الله تعالى بها من درجة إلى أعلى منها، ومن نعيم إلى أسنى منه) وأعظم، (وأمَّا من أدخله الله النار فهو خالد فيها أبداً) أي: دائماً لا انقطاع له.
  وقال (بعض المرجئة: بل شفاعة النبي ÷ لأهل الكبائر من أُمته فيُخرجهم الله بها من النار إلى الجنة).
  (لنا: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[يونس: ٢٧]، ولم يفصل) تعالى بين أهل الجحود وغيرهم، (وقوله تعالى: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}) [النساء: ١٢٣] أي: ناصراً أودافعاً يدفع عنه العذاب، (وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاع}[غافر: ١٨] أي: يُجاب) إلى ما شَفَعَ فيه (كقوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}[الإنسان: ٢٤] أي: لا تُجِبْ) آثماً أو كفوراً، فهذه الآيات مُصَرِّحة بعدم الشفاعة لأهل الكبائر (فلو كانت لهم) الشفاعة (لكانوا غير مُخلدين فيها، وذلك خلافٌ لصريح آيات الوعيد بالتخليد، ولكان الشفيع لهم عاصماً وولياً ونصيراً، وذلك خِلافٌ لصرائح هذه الآيات).
  (قالوا: وَرَدَ الاستثناءُ في قوله تعالى: {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ}) [هود: ١٠٧] فقالوا: إلَّا ما شاء ربك من إخراج أهل الكبائر بالشفاعة من النار.
  (قلنا: المعنى) في تفسير الآية (هم خالدون في النار مدة القيامة) أي: مدة الحياة الآخرة (إِلَّا مدة وقوفهم في المحشر) فإنهم غيرُ داخلين في النار حينئذٍ (للقطع بالوقوف فيه للحساب كما) أن الاستثناء واقع كذلك (في حق أهل الجنة في قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ