فصل في بيان معاني كلمات من المتشابه
  إذا كان كذلك (فيجوز أن يُقال: إن الله تعالى قَدَّرَ الطاعةَ بمعنى: فرضها) وأوجبها، (وقَدَّر الطاعةَ والمعصيةَ بمعنى بَيَّنَهما) للعباد.
  قالت (العدلية: لا بمعنى خلقهما) فلا يجوز، (خلافاً للمجبرة) فإنَّهم أوجبوه كما مرَّ لهم.
  (لنا) عليهم: (ما مرَّ) وتكرر ذكره، من الأدلة العقلية والسمعية.
فرع [في بيان القدرية]
  (والقَدَريةُ: هم المجبرة؛(١) لأنَّهم يقولون المعاصي بقدر الله) أي: حصلت بخلقه وإرادته وتكوينه، (ونحن ننفي ذلك) عن الله سبحانه، ونُنزهه عن فعل كل قبيح تعالى الله عنه.
  (والنُّسْبَةُ في لغة العرب من الإثبات لا من النَّفي) فيقولون: قرشيٌ لمن أثبت نسبه إلى قريش، لا لمن لم يُنْسَبْ إليها، كذلك القَدَرِي: هو من أثبت أفعال العباد خلقاً لله وزعم أنها بِقَدَرِ الله، أي: بخلقه (كثَنَوِيّ) فإنه اسمٌ (لمن يثبت إلهاً ثانياً مع الله لا لمن ينفيه، ولأنهم يلهجون به) أي: بالقَدَر فكانوا أحق بهذه النسبة؛ لأن من لهج بالشيء نُسِبَ إليه، كما يقال: أُمُوْرِيٌ لمن يذكر أن الصفات أُمورٌ زائدة على الذات، وطَبْعِيٌ لمن يُثبت للطبع تأثيراً.
  (ولما رُوي عن النبي ÷ في المجوس: «أن رجلاً من فارس جاء إلى النبي ÷ وقال: رأيتهم ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم، فإذا قيل لهم: لِمَ تفعلون ذلك؟ قالوا: قضاءُ الله وقدره. فقال ÷: «أما إنَّه سيكون من أمتي قومٌ يقولون مثل ذلك») فصرح ÷ بأن الذين أشبهوا المجوس من أمته هم الذين يفعلون المعصية ويقولون: هي بقضاء الله وقدره. (وقال ÷: «القدرية مجوس هذه الأُمّة» ولا يشبههم أحدٌ من الأُمَّة غيرهم).
(١) المجبرة: كل من زعم أن المكلفَ لا اختيار له في فعله، وأنه مجبورٌ عليه، مخلوق فيه. تمت من عدة الأكياس.