مناظرة مع ملحد،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[نظرية الهيولى والصورة وحدوث الأشياء من بعضها]

صفحة 297 - الجزء 1

  تكون هي الفاعلة، وهي لم تسبق فعلها، أو تكون هي قديمة وهي لم تسبق صفاتها، لأن الفاعل سابق لفعله متقدم له، وكذلك القديم الذي لم يزل، سابق للذي لم يكن، لأن في إثبات الفعل له إثبات حدث فعله، وإذا لم يسبق فعله فقد جمعت بينهما في حال واحد، وثبّتّ للشيء الواحد القدم والحدوث في حالة واحدة، وهذا محال بيّن الإحالة.

[نظرية الهيولى والصورة وحدوث الأشياء من بعضها]

  قال [الملحد]: فإني لم أر كون شيء إلا من شيء، فما أنكرت أن تكون الأشياء لم تزل يتكون بعضها من بعض؟ وما أنكرت أن يكون الشيء الذي هو الأصل قديما؟

  قال القاسم #: أنكرت ذلك أشد الإنكار، وذلك أن الشيء الذي هو الأصل لا يخلو من أن يكون فيه من الأحوال والهيئات والصفات مثل ما في فرعه، أو ليس كذلك؟! فإن كان فيه مثل ما في فرعه، فحكمه في الحدث كحكمه، وقد تقدم الكلام في هذا المعنى بما فيه كفاية، على أنا نجد الصور والألوان والهيئات والصفات بعد أن لا نجدها فيه، ووجود الشيء بعد عدمه هو أدل الدلالة على حدثه!

  فحدثني عن الصورة من أي أصل حدثت؟ فإن قلت إنها قديمة أحلت، وذلك أنها لا تخلو من أمور.