مناظرة مع ملحد،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الحكمة من الموت والبعث]

صفحة 315 - الجزء 1

  مجراها، فإذا جاء أحدهم وقال له قومه: ما الدلالة على صدقك، قال: الدليل أن الله يقلب عاداتهم، في كذا، وكذا، إلى كذا وكذا، فحينئذ يعرفون صدقه، ويضطرون إلى قبول قوله، وهذه سبيل المعجزات كلها، وبمثل ذلك يفرق بين النبي والمتنبي، وبين الصادق والكاذب.

[الحكمة من الموت والبعث]

  قال الملحد: فإنه بقي في قلبي شبهة، فأحب أن تقلعها بحسن رأيك ونظرك.

  قال القاسم #: هاتها لله أبوك!

  قال الملحد: أخبرني عن الله ø، لم يميت الإنسان، ويصيّره ترابا، بعد أن جعله ينطق بغرائب الحكمة، وبعد هذه الصورة العجيبة البديعة؟! ولم يفني العالم كله؟! أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء فنقضه لا لمعنى، هل يكون حكيما؟!

  قال القاسم #: ليس الأمر كما ظننته، أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء للشتاء فلما جاء وقت الصيف نقضه وبناه للصيف، هل يكون حكيما؟

  قال [الملحد]: نعم.

  قال [القاسم] #: ولم؟

  قال [الملحد]: لأن الذي اتخذه للشتاء، لا يصلح للصيف، وكذلك الذي اتخذه للصيف لا يصلح للشتاء.

  قال القاسم #: وكذلك الله ø، خلق الدنيا وما فيها للابتلاء، فإذا انتهى إلى أجله وحينه، أفناها، ويعيدها ثانيا {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما