ح - شواهد الفصل والوصل
  البلاغة أو الكلام ترك عطف بعض الحمل عن بعض، والوصل عطف بعضها على بعض.
  وكان الجاحظ من أوائل الذين تكلموا عليه في كتبهم(١)، وللعسكري وقفة طويلة عنده حيث ذكر أقوالا تدل على أهمية هذا الأسلوب وبحث ما يتصل بفصول القصيدة ومقاطعها(٢).
  وكان عبد القاهر الجرجاني من أشهر الذين بحثوه بحثا مفصّلا يقوم على التقسيم والتحديد وربطه بباب العطف، حيث قال: إن الجمل على ثلاثة أضرب: جملة حالها مع التي قبلها حال الصفة مع الموصوف، والتأكيد مع المؤكد، فلا يكون فيها العطف البتي لشبه العطف فيها - لو عطفت - بعطف الشيء على نفسه، وجملة حالها مع التي قبلها حال الاسم يكون غير الذي قبله آلا انه يشاركه في حكم ويدخل معه في معنى مثل أن يكون كلا الاسمين فاعلا أو مفعولا أو مضافا إليه فيكون حقها العطف.
  وجملة ليست في شيء من الحالين، بل سبيلها مع التي قبلها سبيل الاسم مع الاسم لا يكون منه في شيء فلا يكون إياه ولا مشاركا له في معنى بل هو شيء إن ذكر لم يذكر إلا بأمر ينفرد ويكون ذكر الذي قبله وترك الذكر سواء في حاله لعدم التعلق بينه وبينه رأسا، وحق هذا ترك العطف البتة. فترك العطف يكون إما للاتصال إلى الغاية، أو الانفصال إلى الغاية، والعطف لما هو واسطة بين الأمرين، وكان له حال بين حالين، فأعرفه»(٣).
(١) انظر البيان والتبيين ج ١ ص ٨٨.
(٢) انظر كتاب الصناعتين ص ٤٣٨، نسخة ١٩٥٢ تحقيق علي محمد البيجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم.
(٣) دلائل الإعجاز ص ١٨٧.