* الاستعارة
  والاستعارة مجاز لغوي عند أكثر البلاغيين إلا عبد القاهر الجرجاني حيث يجعلها مجازا عقليا مرة ومجازا لغويا أخرى(١). والاستعارة من أوائل فنون التعبير الجميلة في اللغة العربية، ولعل أبا عمرو بن العلاء كان من أقدم اللذين ذكروها، فالحاتمي يشير إلى أن أبا العلاء قال: كانت يدي في يد الفرزدق وأنشدته قول ذي الرمة:
  أقامت به حتى ذوى العود في الثرى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر
  قال: فقال لي: أأرشدك أم أدعك؟ قلت بل ارشدني، فقال أن العود لا يذوي أو يجف الثرى، وانما الشعر «حتى ذوى العود والثرى». ثم قال أبو عمرو: ولا أعلم قولا أحسن من قوله «وساق الثريا في ملاءته الفجر، فصير للفجر ملاءة له، وانما استعار هذه اللفظة وهي من عجيب الاستعارات»(٢). وقد ذكرها الجاحظ فقال في قول النمر بن تولب:
  أعاذل إن يصبح صداي بقفزة ... بعيدا نآني صاحبي وقريبي
  ترى إن ما أبقيت لم أك ربه ... وان الذي أمضيت كان نصيبي
  إن «الصدى» هنا مستعار أي: أصبحت أنا ... : وقال في قول الشاعر:
  وطفقت سحابة تغشاها ... تبكي على عيراصها عيناها
(١) انظر دلائل الإعجاز تحقيق محمد رشيد رضا ط ٥ ١٣٧٢ - القاهرة ص ٢٣٣ - ٢٣٢ وأسرار البلاغة ص ٢٩ - نسخة ريتر ١٩٥٤ م.
(٢) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٣٦ - تحقيق د. جعفر الكتاني - بغداد - ١٩٧٩ م.