المصطلح البلاغي في معاهد التنصيص على شواهد التلخيص،

محمد خليل الخلايلة (معاصر)

* الاستعارة

صفحة 148 - الجزء 1

  والاستعارة مجاز لغوي عند أكثر البلاغيين إلا عبد القاهر الجرجاني حيث يجعلها مجازا عقليا مرة ومجازا لغويا أخرى⁣(⁣١). والاستعارة من أوائل فنون التعبير الجميلة في اللغة العربية، ولعل أبا عمرو بن العلاء كان من أقدم اللذين ذكروها، فالحاتمي يشير إلى أن أبا العلاء قال: كانت يدي في يد الفرزدق وأنشدته قول ذي الرمة:

  أقامت به حتى ذوى العود في الثرى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر

  قال: فقال لي: أأرشدك أم أدعك؟ قلت بل ارشدني، فقال أن العود لا يذوي أو يجف الثرى، وانما الشعر «حتى ذوى العود والثرى». ثم قال أبو عمرو: ولا أعلم قولا أحسن من قوله «وساق الثريا في ملاءته الفجر، فصير للفجر ملاءة له، وانما استعار هذه اللفظة وهي من عجيب الاستعارات»⁣(⁣٢). وقد ذكرها الجاحظ فقال في قول النمر بن تولب:

  أعاذل إن يصبح صداي بقفزة ... بعيدا نآني صاحبي وقريبي

  ترى إن ما أبقيت لم أك ربه ... وان الذي أمضيت كان نصيبي

  إن «الصدى» هنا مستعار أي: أصبحت أنا ... : وقال في قول الشاعر:

  وطفقت سحابة تغشاها ... تبكي على عيراصها عيناها


(١) انظر دلائل الإعجاز تحقيق محمد رشيد رضا ط ٥ ١٣٧٢ - القاهرة ص ٢٣٣ - ٢٣٢ وأسرار البلاغة ص ٢٩ - نسخة ريتر ١٩٥٤ م.

(٢) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٣٦ - تحقيق د. جعفر الكتاني - بغداد - ١٩٧٩ م.