وهذان القولان من شواهد تقديم الاستعارة المرشحة على غيرها.

  ٥ - نرى العباسي يصدر أحكاما نقدية على قصائد أو أبيات شعرية حسب مقياسه هو، ومن ذلك قوله عن قصيدة لأبي الحسن الجوهري في وصف الخمر مطلعها من الطويل:

  «يقولون بغداد التي اشتقت نزهة ... تباكرها والعبقريّ المقيّريا

  وهي قصيدة طويلة ليست بصحيحة الوزن، ولا حسنة الروي ولا مميزة اللفظ ولا لطيفة المعنى، قال ابن قتيبة: ولا أعلم فيها شيئا يستحسن إلا قوله: «النشر مسك ... البيت»⁣^(⁣١).

  ٦ - يذكر العباسي قصصا وحوادث تدل على تذوق القدماء نقديا للأعمال الشعرية التي يسمعونها أو تقال أمامهم ومن ذلك: «عن الهيثم بن عدي، قال: كنا جلوسا عند صالح بن حسان، فقال لنا:

  أنشدوني بيتا خفرا في امرأة خفرة، فقلنا قول حاتم من الطويل:

  يضيء بها البيت الظليل خصاصة ... إذا هي يوما حاولت أن تتبسما

  فقال: هذه من الأصنام، أريد أحسن من هذا، فقلنا: قول الأعشى من البسيط:

  كأن مشيتها من بيت جارتها ... مرّ السحابة لا ريث ولا عجل

(١) المصدر نفسه ٢: ٨٢.