19 - التجريد بمخاطبة الإنسان نفسه
  ويتصل بالمبالغة الإفراط والغلو حيث يقول ابن منقذ: «إن المعنى إذا زاد عن التمام سمي مبالغة، وقد اختلفت ألفاظه في كتبهم فسماه قوم الإفراط والغلو والإيغال وبعضه أرفع من بعض(١). ويسير على ذلك القزويني(٢) وغيره من شراح التلخيص حيث تقسيم المبالغة إلى تبليغ وإغراق وغلو ويخالفهم أصحاب البديعيات حيث جعلوا كل لون من هذه فنا قائما بذاته فيقول الحموي: «وهذا النوع - أعني المبالغة - شركة قوم مع الإغراق والغلو لعدم معرفة الفرق وهو مثل الصبح ظاهر»(٣).
  والعباسي يجمع ما بين هذه الفنون تحت مصطلح البديع ولكنه يجعل لكل منها مصطلحا خاصا فللمبالغة شاهدها وللإغراق شاهده وللغلو شاهده.
  · فعادي عداء بين ثور ونعجة ... داركا ولم ينضح بماء فيغسل
  «البيت لامرئ القيس من قصيدته المشهورة السابقة في شواهد المقدمة ... والشاهد فيه: المبالغة ويسمى التبليغ وهو ادعاء ممكن عقلا وعادة، فإنه ادعى أن فرسه أدرك ثورا وبقرة وحشيين في مضمار واحد ولم يعرق وهذا ممكن عقلا وعادة»(٤).
  ومن المبالغة نوع يسمى الاستظهار كقول ابن المعتز لابن طباطبا العلوي أو غيره - من المتقارب:
(١) البديع في نقد الشعر ص ١٠٤.
(٢) انظر التلخيص ص ٣٧٠.
(٣) خزانة الأدب ص ١٢٥.
(٤) معاهد التنصيص ٣: ١٦.