د) منهج عبد الرحيم العباسي في التأليف:
  وفي ذلك يقول العباسي بعد ما وصف نفسه بخادم العلم وتأليفه وبعد حفظه للمتون ومنها «تلخيص المفتاح» فشمرت عن ساعد الاجتهاد واستعملت الجد في تحصيل ذلك المراد، وسلكت فيه منهج الاختصار، ومدرج الاقتصار ونصيت(١) على أبحر تلك الشواهد العروضية ووضعت في كل شاهد منها ما يناسبه من نظائره الأدبية وذكرت ترجمة قائله إلا ما لم أطلع عليه بعد التفتيش في كتب الأدب، والتحري والاستقصاء في الطلب، ومزجت فيه الجد بالهزل، والحزن بالسهل. وسميته بـ «معاهد التنصيص على شواهد التلخيص» ...
  على أنه لا يخلو من فائدة فريدة، ونكتة عن مواطنها شريدة ودرّة مستخرجة من قاع البحور، وشذرة تزين لها قلائد النحور وعجائب تحل لها الحبا وغرائب يقول لها العقل السليم: مرحبا(٢).
  هكذا كان المنهج الذي سلكه العباسي عبر عنه وسار عليه.
  ومن مفردات هذا المنهج التأليفي للعباسي ما يلي:
  ١ - حرص العباسي على إيراد العديد من النوادر - خوفا من ملل القارئ وسآمة السامع - التي تقع في دائرة التعليم والمعلمين، ومن ذلك: «وقال آخر: مررت بخربة، وإذا معلم واقف على أربع ينبح بنبح الكلاب فجعلت أنظر إليه، وإذا صبي قد رفع سترا وخرج، فقبض المعلم عليه، فقلت للمعلم: عرفني خبرك، قال: نعم هذا صبي اؤدبه وهو يبغض التأديب ويفر منه فيدخل إلى داخل، فلا
(١) أصله نصصت، فقلب أحد الأمثال ياء كما في تظنين وأصلها تظننت.
(٢) معاهد التنصيص ١: ١ - ٣.