أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب عطف النسق

صفحة 326 - الجزء 3

  فيمن نصب (نعله)، فإنّ ما قبلها في تأويل ألقى ما يثقله، أو شبيها بالبعض، كقولك: (أعجبتني الجارية حتّى كلامها) ويمتنع (حتّى ولدها) وضابط ذلك أنّه إن حسن الاستثناء حسن دخول حتى.

  والرابع: كونه غاية في زيادة حسّيّة، نحو: (فلان يهب الأعداد الكثيرة حتّى الألوف) أو معنوية، نحو: (مات النّاس حتّى الأنبياء، أو الملوك)، أو في نقص كذلك، نحو: (المؤمن يجزى بالحسنات حتّى مثقال الذّرّة)، ونحو: (غلبك النّاس حتّى الصّبيان، أو النّساء)⁣(⁣١).


= هو الذي يظهر من كلام المؤلف أنه مقصوده بالإتيان بهذا البيت ههنا، وهذان الوجهان من الإعراب يجريان على رواية نصب (نعله) وقد وردت الرواية بجر (نعله) وبرفعه أيضا، فأما رواية الجر فتخرج على أن (حتى) حرف جر، ونعله مجرور بحتى ومضاف إليه، والجار والمجرور متعلق بألقى السابق، وجملة (ألقاها) مؤكدة، وأما رواية الرفع فتخرج على أن (نعله) مبتدأ، وخبره هو جملة (ألقاها) وحتى ليست عاطفة، وإنما هي حرف ابتداء، فجملة المبتدأ والخبر لا محل لها ابتدائية.

الشاهد فيه: قوله (حتى نعله) واعلم أولا أن هذه الكلمة - وهي (نعله) - تروى بالرفع وبالجر وبالنصب، كما ذكرنا في إعراب البيت، فأما رواية الرافع فتخرج على أن (حتى) ابتدائية و (نعله) مبتدأ، وجملة (ألقاها) في محل رفع خبر المبتدأ، وأما رواية الجر فتخرج على أن (حتى) حرف غاية وجر، و (نعله) مجرور بحتى ومضاف إليه، وأما رواية النصب فعلى أن يكون (نعله) مفعولا لفعل محذوف يفسره المذكور، كما قلناه في إعراب البيت.

ثم اعلم أن الاستشهاد بهذا البيت هنا إنما هو على رواية النصب، والذي سوغ عطف (نعله) على ما قبله - مع أنه يشترط في العطف بحتى أن يكون المعطوف بعض المعطوف عليه - هو التأويل في المعطوف عليه، وهذا معنى قول المؤلف (فإن ما قبلها في تأويل ألقى ما يثقله) ولا شك أن النعل بعض ما يثقله ويضعف حركته في الانفلات والهرب.

(١) ملخص الكلام أنه لو لم يكن ما بعد حتى من جنس ما قبلها إما تحقيقا وإما تأويلا وإما تشبيها، أو كان ما بعدها من جنس ما قبلها على أحد الوجوه الثلاثة ولكنه لم يكن غاية لما قبلها، أو كان ما بعدها غاية وطرفا لما قبلها لكنه ليس دالا على زيادة أو نقص =