[الكلام على «لا» وشروطها]
  أرض لا يهتدى بها)، و (لا يقم زيد بل عمرو) وأجاز المبرد كونها ناقلة معنى النّفي والنّهي لما بعدها؛ فيجوز على قوله (ما زيد قائما بل قاعدا)(١) على معنى بل ما هو قاعدا، ومذهب الجمهور أنّها لا تفيد نقل حكم ما قبلها لما بعدها إلا بعد الإيجاب والأمر، نحو: (قام زيد بل عمرو)، و (اضرب زيدا بل عمرا).
[الكلام على «لا» وشروطها]
  وأما (لا) فيعطف بها(٢) بشروط: إفراد معطوفها، وأن تسبق بإيجاب أو أمر
= (بل) بعد النفي والنهي ناقلة حكم ما قبلها لما بعدها، فإذا قلت (ما زيد قائم بل عمرو) فمعناه عند الجمهور انتفاء القيام عن زيد والحكم بثبوت القيام لعمرو، ولا معنى للكلام سوى هذا عندهم، وهو عند أبي العباس المبرد محتمل لمعنيين، أحدهما هذا الذي حكيناه عن الجمهور، والثاني أن يكون زيد المذكور قبل بل غير محكوم عليه بشيء، لا بانتفاء القيام ولا ثبوته، وعمرو المذكور بعد بل محكوم عليه بانتفاء القيام عليه عنه الذي كان حكم ما قبل بل، وقد بينه المؤلف.
(١) أنت تعلم أن شرط عمل ما عمل ليس أن يكون النفي باقيا، فلو أنك قلت (ما زيد قائما بل قاعد) فإن جريت في هذا الكلام على مذهب الجمهور الذي يفيد أن القعود ثابت لا منفي لم يجز لك أن تنصب (قاعد) على أنه خبر ما النافية، لفوات شرط عملها الذي ذكرناه، وإن جريت في هذا المثال على مذهب المبرد كان في أحد وجهيه مثل مذهب الجمهور، وكان في الوجه الثاني الذي يفيد أن القيام مسكوت عنه لم يحكم بثبوته ولا بنفيه وأن القعود منفي عن زيد كان لك أن تنصب (قاعدا) على أنه خبر ما النافية؛ لأن النفي حينئذ باق، فتقول (ما زيد قائما بل قاعدا).
(٢) بقي مما لم يذكره من شروط كون (لا) عاطفة شرطان، أحدهما: ألا تقترن بعاطف، وثانيهما: ألا يكون مدخولها صفة لسابق أو خبرا أو حالا.
فإن اقترنت (لا) بعاطف نحو قولك (جاء زيد لا بل عمرو) كان هذا العاطف - وهو بل في المثال - هو الذي أدى ما أريد من العطف، وكانت (لا) غير عاطفة، ولكنها أفادت نفي ما قبلها.
وإن كان مدخول لا صفة لسابق أو خبرا أو حالا فإن (لا) ليست عاطفة، ووجب حينئذ تكرارها، نحو قولك (إن هذا رجل لا صادق ولا مأمون) ونحو (خالد لا شجاع ولا كريم) ونحو (جاء زيد لا ضاحكا ولا رضي النفس).