الفصل الأول في الأحرف التي ينبه بها المنادى، وأحكامها
[يجوز حذف حرف النداء مع بقاء المنادى، إلا في ثمان مسائل]
  ويجوز حذف(١) الحرف نحو: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا}(٢) {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ}(٣) {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ}(٤)، إلّا في ثمان مسائل: المندوب نحو: (يا عمرا)، والمستغاث نحو: (يا اللّه)، والمنادى البعيد؛ لأن المراد فيهن إطالة الصّوت، والحذف ينافيه، واسم الجنس غير المعيّن؛ كقول الأعمى: (يا رجلا خذ بيدي) والمضمر(٥)، ونداؤه شاذ، ويأتي على صيغتي المنصوب والمرفوع، كقول بعضهم: (يا إيّاك قد كفيتك)(٦)، وقول الآخر:
  [٤٣١] -
  يا أبجر بن أبجر يا أنتا
(١) اعلم أولا أنه لا يقدر عند الحذف من بين حروف النداء إلا (يا) بسبب كون هذا الحرف أم الباب وكونه أعم حروفه استعمالا على ما قدمنا بيانه.
ثم اعلم أن المؤلف قد مثل بثلاثة أمثلة في هذا الموضوع للإشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون المنادى الذي حذف معه الحرف مفردا كالآية الأولى، وأن يكون شبيها بالمفرد - وقيل هو شبيه بالمضاف - كالآية الثانية، وأن يكون مضافا كالآية الثالثة.
ثم اعلم أن اعتبار {عِبادَ اللَّهِ} في الآية الثالثة منادى حذف منه حرف النداء هو أحد وجهين فيها، والوجه الثاني اعتبار {عِبادَ اللَّهِ} مفعولا به عامله أدوا.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٢٩
(٣) سورة الرحمن، الآية: ٣١
(٤) سورة الدخان، الآية: ١٨
(٥) أجمعوا على أن نداء ضمير المتكلم ونداء ضمير الغائب لا يجوز، فلا تقول (يا أنا) ولا (يا إياي) كما لا تقول (يا هو) ولا (يا إياه) واختلفوا في ضمير المخاطب ولهم في ذلك ثلاثة أقوال: الأولى أنه لا يجوز نداؤه أصلا، واختاره أبو حيان، والثاني أنه مقصور على ضرورة الشعر وهو قول ابن عصفور، والثالث يجوز، وهو ظاهر كلام ابن مالك.
(٦) ويجوز أن يقرأ هذا الفعل بالبناء للمجهول، وكان الأحوص اليربوعي قد وفد هو وابنه على معاوية، فقام الابن فخطب خطبة، فلما انتهى وثب الأب ليخطب، فكفه ابنه قائلا (يا هذا - أو «يا إياك» قد كفيتك) يريد قد أغنيتك بما قلت عن أن تحاول القول.
[٤٣١] - نسب الشيخ خالد هذا البيت للأحوص، تبعا للعيني، والصواب أنه لسالم بن دارة يقوله في مر بن واقع، وأن صحة إنشاده هكذا:
يا مرّ يا بن واقع يا أنتا ... أنت الّذي طلّقت عام جعتا
=