هذا باب النداء وفيه فصول
  واختار الخليل وسيبويه الضمّ، وأبو عمرو وعيسى النصب، ووافق الناظم
= بالفتحة الظاهرة (ألؤما) الهمزة للاستفهام حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، لؤما: مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبا، وتقدير الكلام: أتلؤم لؤما (لا) نافية للجنس، حرف مبني على السكون لا محل له (أبا) اسم لا منصوب بالألف نيابة عن الفتحة (لك) اللام زائدة مقحمة بين المضاف والمضاف إليه، والكاف مضاف إليه ضمير مبني على الفتح في محل جر (واغترابا) الواو حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، واغترابا: معطوف على قوله: لؤما، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله: (أعبدا) فإن قوما من النحاة خرجوه على أن الهمزة للنداء، وأن الشاعر لما اضطر إلى تنوين المنادى الذي يجب فيه الضم لكونه نكرة مقصودة نصبه مع التنوين تشبيها له بالنكرة غير المقصودة. ومثل هذا البيت قول الآخر:
يا سيّدا ما أنت من سيّد ... موطّأ الأكناف رحب الذّراع
ومثل ذلك قول الصلتان العبدي يريد جرير بن عطية:
أيا شاعرا لا شاعر اليوم مثله ... جرير ولكن في كليب تواضع
ومثل ذلك قول توبة بن الحمير:
لعلّك يا تيسا نزا في مريرة ... معذّب ليلى أن تراني أزورها
ونظير هذه الشواهد قول المهلهل واسمه عدي بن ربيعة، وهو أخو كليب وائل:
ضربت صدرها إليّ وقالت ... يا عديّا لقد وقتك الأواقي
وأنت إذا تذكرت ما قررناه لك في أنواع المنادى الشبيه بالمضاف علمت أن قوما من النحاة جعلوا المنادى الموصوف نوعا من أنواع الشبيه بالمضاف، و (عبدا) في بيت الشاهد موصوف بجملة (حل في شعبى غريبا) فيكون من هذا النوع، فيكون نصبه وتنوينه هو الأصل كقولهم (يا عظيما يرجى لكم عظيم) ولا يكون نصبه للضرورة كما يقرر هؤلاء.
وسيبويه | جوز فيه وجهين، أحدهما جعل الهمزة للنداء، وعبدا: منادى نكرة مقصودة منصوب مع التنوين للضرورة كما هو المشهور في قول النحاة، والثاني أن تكون الهمزة للاستفهام، وعبدا: حال من فاعل فعل محذوف، وتقدير الكلام أتفخر في حال عبودية.