[لتوكيد الفعل نونان: ثقيلة وخفيفة]
هذا باب نوني التوكيد(١)
[لتوكيد الفعل نونان: ثقيلة وخفيفة]
  لتوكيد الفعل نونان: ثقيلة، وخفيفة، نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً}(٢).
  ويؤكّد بهما الأمر مطلقا، ولا يؤكّد بهما الماضي مطلقا(٣).
[لتوكيد المضارع خمس حالات]
  وأما المضارع فله حالات:
[إحداها: أن يكون توكيده واجبا]
  إحداها: أن يكون توكيده بهما واجبا، وذلك إذا كان: مثبتا، مستقبلا، جوابا لقسم، غير مفصول من لامه بفاصل، نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ}(٤)، ولا يجوز توكيده بهما إن كان منفيّا، نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ}(٥)، إذ التقدير: لا
(١) اختلف النحاة في هذين النونين أهما أصلان أم أحدهما أصل والآخر فرع عنه؟ فذهب جمهور البصريين إلى أن كل واحد منهما أصل وليس أحدهما فرعا من الآخر، وهذا الرأي هو الصواب، ويدل له أن بعض الأحكام التي تجري على أحدهما لا تجري على الآخر، مثل انقلاب الخفيفة ألفا في الوقف نحو (وليكونا) ومثل حذف الخفيفة عند التقاء الساكنين كما في قول الأضبط بن قريع الذي يأتي استشهاد المؤلف به:
لا تهين الفقير..
ومثل امتناع وقوع الخفيفة بعد الألف، وذهب جمهور الكوفيين إلى أن الخفيفة فرع عن الثقيلة بحذف أحد حروفها، وذهب قوم إلى أن الخفيفة هي الأصل، وذلك لأن الثقيلة أزيد في اللفظ وهو ظاهر وفي المعنى لأن التوكيد بالثقيلة أقوى وأشد، والزيادة عارضة طارئة، والخالي من الزيادة هو الأصل، فكانت الخفيفة هي الأصل لذلك، ولا مستند لقول الكوفيين ولا لهذا القول سوى هذه التمحلات التي لا تفيد، وقد ذكرنا القولين لننبهك إلى هذا.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٣٢.
(٣) اعلم أولا أن نوني التوكيد يخلصان الفعل للاستقبال، وأن فعل الأمر مستقبل دائما، ولذلك صح توكيده بالنونين من غير شرط، والفعل الماضي لفظا ومعنى لا يصح توكيده بهما، أما قول الشاعر:
دامنّ سعدك لو رحمت متيّما ... لولاك لم يك للصّبابة جانحا
فإما أن يكون مستقبلا معنى، وإما أن يكون شاذا.
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ٥٧.
(٥) سورة يوسف، الآية: ٨٥.