أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: تختص النون الخفيفة بأربعة أحكام]

صفحة 102 - الجزء 4

  ساكنان⁣(⁣١)، وعن يونس والكوفيين إجازته⁣(⁣٢)، ثم صرّح الفارسي في الحجّة بأنّ يونس يبقي النون ساكنة، ونظّر ذلك، بقراءة نافع {وَمَحْيايَ}⁣(⁣٣) وذكر الناظم أنّه يكسر النون، وحمل على ذلك قراءة بعضهم فدمرانهم تدميرا⁣(⁣٤)، وجوزه في قراءة ابن ذكوان: {وَلا تَتَّبِعانِّ}⁣(⁣٥) بتخفيف النون.


(١) الساكنان هما الألف التي قبل النون، ونون التوكيد الخفيفة الساكنة فأما نون الرفع فإنها محذوفة؛ لأن الأمر يبنى حينئذ على حذف النون، فإذا كان الفعل مضارعا مرفوعا حذفت نون الرفع عند التوكيد أيضا، لكن حذفها حينئذ للفرار من اجتماع الأمثال.

(٢) احتج الكوفيون ويونس لجواز وقوع نون التوكيد الخفيفة الساكنة بعد الألف - سواء أكانت هذه الألف ضمير الاثنين أم كانت الألف الفارقة بين نون الإناث ونون التوكيد - بأن غاية ما يلزم على هذا الاجتماع هو التقاء ساكنين ليس ثانيهما مدغما في مثله، وقد وجدنا العرب لا يرون بهذا بأسا، فقد جاء في أمثالهم قولهم: (التقت حلقتا البطان) وهم حين يقولون هذا المثل يبقون ألف الاثنين ساكنة مع سكون ما يليها وهو لام التعريف، وقد وقع ذلك في قول أوس بن حجر:

وازدحمت حلقتا البطان بأق ... وأم وجاشت نفوسهم جزعا

ونظير ذلك قراءة من قرأ {مَحْيايَ وَمَماتِي} بسكون ياء المتكلم مع سكون الألف قبلها، في الوصل فضلا عن الوقف. وقراءة من قرأ {أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} بقلب الهمزة الثانية من {أَ أَنْذَرْتَهُمْ} ألفا ساكنة مع سكون النون التي بعدها، وقراءة من قرأ {هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ} بسكون همزة {هؤُلاءِ} مع أن الألف قبلها ساكنة، وقراءة الجميع في {كهيعص} فإن فيها التقاء الساكنين ثلاث مرات وليس ثانيهما مدغما في مثله، فدل ذلك كله على أن العرب قد تستسيغ هذا الالتقاء، فقلنا بجواز مثله فيما نحن بصدده.

(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٦٢.

(٤) سورة الفرقان، الآية: ٣٦، وتوجيه هذه القراءة على أن الألف ضمير الاثنين، والنون للتوكيد.

(٥) سورة يونس، الآية: ٨٩، وإنما يتم الاستدلال بهذه القراءة إذا جعلنا الواو حرف عطف و (لا) بعدها حرف نهي، فتكون الألف ضمير الاثنين والنون للتوكيد، فإن جعلت لا نافية والواو للحال كانت النون علامة على رفع الفعل المسند لألف الاثنين، والجملة خبر مبتدأ محذوف؛ وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال.