أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعراب الفعل

صفحة 133 - الجزء 4


= ومن بينهما هذا الوجه، فإن ضعف وجه منها كانت بقية الوجوه كافية في إثبات المشابهة، فافترق أمر ذكر هذا الوجه في كلام البصريين عن ذكره في كلام الكوفيين، فتفطن لذلك واللّه يرشدك.

الوجه الثالث: من وجوه مشابهة الفعل المضارع للاسم: أن الفعل المضارع بحسب وضعه يكون شائعا ثم يعرض له التخصص بما يلحق به، ألست ترى أنك لو قلت (يحضر محمد) كان هذا الفعل صالحا للزمان الحاضر وللزمان المستقبل بجميع أجزاء الزمانين، فإذا قلت (سيحضر علي) أو (سوف يحضر خالد) أو (ليحضرن محمد) تخصص - بما لحق به من السين وأختها سوف ومن نون التوكيد - بالزمان المستقبل، كما أن الاسم يكون بحسب وضعه شائعا كرجل وكتاب فإن الأول يشمل كل رجل والثاني يشمل كل كتاب، فإذا قلت (الرجل) تخصص بما لحق به من أل، وإذا قلت (الكتاب) تخصص بما لحق به من أل أيضا.

الوجه الرابع منها: أن الفعل المضارع تدخل عليه لام الابتداء التي تتصل بخبر إن المكسورة كما تدخل على الاسم، ولا تدخل هذه اللام على الفعل الماضي ولا على فعل الأمر، تقول (إن محمدا ليضرب عمرا) كما تقول (إن محمدا لضارب عمرا) ولا يجوز لك أن تقول (إن محمدا لضرب عمرا) ولا أن تقول (إن محمدا لا ضرب عمرا) فلما وجدنا الفعل المضارع تقترن به هذه اللام ولا تقترن بأخويه الماضي والأمر، ووجدنا الأصل في هذه اللام أن تقترن بالاسم علمنا أن المضارع يشبه الاسم ولا يشبهه الماضي ولا الأمر.

الوجه الخامس منها: أن الفعل المضارع واسم الفاعل يجريان معا على حركات وسكنات متوافقة، فضارب يجري في الحركات والسكون على ما يجري عليه يضرب، ومستغفر يجري كذلك مع يستغفر، وهكذا، ونعني بذلك أن الحرف المتحرك في اسم الفاعل يقابله حرف متحرك في الفعل المضارع، وإن لم تكن الحركة في الفعل المضارع هي نفس الحركة التي في اسم الفاعل، ولا يقدح في ذلك نحو يقول مع قائل ويبيع مع بائع حيث تجد الحرف الثاني من المضارع متحركا في حين أن ثاني حروف اسم الفاعل ساكن لأن أصل الحرف الثاني من المضارع ساكن أيضا إلا أنه تحرك لعلة تصريفية.

وإذا علمت أن النحاة كلهم كوفيهم وبصريهم متفقون على أن الفعل المضارع معرب -