[بنصب المضارع بأن مضمرة وجوبا في خمسة مواضع]
  الرَّسُولُ}(١). ٢١
  ويرفع الفعل بعدها إن كان حالا مسبّبا فضلة؛ نحو: (مرض زيد حتّى لا يرجونه) ومنه: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}(١) في قراءة نافع؛ لأنّه مؤوّل بالحال، أي:
  حتى حالة الرسول والذين آمنوا معه أنهم يقولون ذلك.
  ويجب النصب في مثل (لأسيرنّ حتّى تطلع الشّمس) و (ما سرت حتى أدخلها) و (أسرت حتى تدخلها) لانتفاء السّببيّة؛ بخلاف (أيّهم سار حتى يدخلها) فإنّ السير ثابت، وإنّما الشك في الفاعل، وفي نحو (سيري حتى أدخلها) لعدم الفضليّة، وكذلك (كان سيري أمس حتى أدخلها) إن قدّرت كان ناقصة، ولم تقدّر الظّرف خبرا.
[الموضعان الرابع والخامس: بعد فاء السببية وواو المعية إذا سبق أحدهما نفي محض أو طلب محض]
  الرابع والخامس: بعد فاء السببية(٢) وواو المعيّة، مسبوقين بنفي أو طلب
(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٤
(٢) إنما سميت هذه الفاء فاء السببية لأنها تدل على أن ما قبلها سبب في حصول ما بعدها، وسميت الواو المذكورة في هذا المبحث واو المعية لأنها بمعنى مع: أي أن حصول ما قبلها وما بعدها في وقت واحد، لا يسبق أحدهما الآخر ولا يتأخر عنه.
هذا، واعلم أن للنحاة في ناصب الفعل المضارع المقترن بفاء السببية أو واو المعية خلافا، وأن لهم في هذا الموضوع ثلاثة أقوال، الأول أن ناصب المضارع حينئذ هو أن المصدرية، وهي مضمرة بعد الفاء والواو، وهذا مذهب البصريين، والثاني أن ناصب المضارع في هذه الحال هو الخلاف بين ما تقدم على الفاء أو الواو وما تأخر عنهما، وهذا قول جمهور الكوفيين، والثالث أن ناصب المضارع هو الواو والفاء نفسهما وهذا قول أبي عمر الجرمي، وينسب إلى بعض الكوفيين، هذا هو التحقيق في بيان مذاهب النحاة في هذا الموضوع، فمن ادعى أن مذهب الكوفيين القول بأن ناصب المضارع هو الفاء والواو كمن ادعى أن الكوفيين لم يذهبوا إلى أن ناصبه هو الفاء أو الواو، كلتا الحالتين غير دقيقة، والدقيق هو الذي أنبأناك به.
فأما الكوفيون فزعموا أن الجواب في هذه الصورة مخالف لما قبلها لأن ما قبله أمر أو نهي أو استفهام أو تمن أو عرض أو نفي، وما هو الجواب ليس واحدا من هذه الأمور، ألا ترى أنك لو قلت (زرني فأكرمك) كان ما قبل الفاء أمرا، ولم يكن ما بعد الفاء أمرا، =