أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: ينصب المضارع بأن مضمرة جوازا في خمسة مواضع]

صفحة 174 - الجزء 4

  وإن قرن الفعل بلا نافية أو مؤكّدة وجب إظهارها، نحو: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}⁣(⁣١)، {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ}⁣(⁣٢).

  والأربعة الباقية: أو، والواو، والفاء، وثمّ؛ إذا كان العطف على اسم ليس في تأويل الفعل، نحو: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}⁣(⁣٣) في قراءة غير نافع بالنّصب عطفا على (وحيا)، وقوله:


= تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}.

الحالة الثانية: وجوب الإظهار، وهذه الحالة فيما إذا قرن الفعل المضارع بلا النافية نحو قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}.

والحالة الثالثة: جواز الإضمار والإظهار، وهذه الحالة فيما إذا كانت اللام هي لام التعليل نحو قوله تعالى: {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ} وهذا شاهد الإضمار، ونحو قوله سبحانه:

{وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ} وهذا شاهد الإظهار.

هذا، والقول بأن ناصب المضارع بعد لام التعليل هو أن المضمرة جوازا هو قول جمهور البصريين، وفي المسألة ثلاثة أقوال أخرى:

أحدها: أن الناصب للمضارع هو لام التعليل نفسها، وهو قول جمهور الكوفيين وقالوا مع ذلك: إذا ذكرت (أن) بعد اللام نحو {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ} فأن مؤكدة للام.

والقول الثاني: أن الناصب للمضارع هو اللام لنيابتها عن أن المحذوفة، وهذا يستلزم أنه إذا ظهرت أن بعد اللام كما في الآية الكريمة كان الناصب حينئذ هو أن، إذ لا عمل للنائب مع وجود المنوب عنه، وليس العمل حينئذ لهما معا إذ لا يعمل عاملان في معمول واحد، ولا يمكن إنكار إظهار أن بعد لام التعليل وهو وارد في القرآن الكريم، وهذا قول أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب.

والقول الثالث: أن الناصب للمضارع ليس هو اللام، وليس هو أن مضمرة بخصوصها بل يجوز أن يكون الناصب هو أن مضمرة، ويجوز أن يكون الناصب هو كي مضمرة، بدليل أن كلّا من أن وكي يظهر بعد اللام في بعض التراكيب، فإظهار أن كما في قوله تعالى: {لِأَنْ أَكُونَ} وإظهار كي كما في قوله سبحانه {لِكَيْلا تَأْسَوْا} وهذا قول السيرافي وابن كيسان.

(١) سورة البقرة، الآية: ١٥٠.

(٢) سورة الحديد، الآية: ٢٩.

(٣) سورة الشورى، الآية: ٥١.