أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: الإشارة إلى البعيد]

صفحة 124 - الجزء 1

[فصل: الإشارة إلى البعيد]

  فصل: وإذا كان المشار إليه بعيدا لحقته كاف حرفية تتصرّف تصرّف الكاف الاسمية غالبا، ومن غير الغالب: {ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ}⁣(⁣١)، ولك أن تزيد قبلها لاما⁣(⁣٢)،


= مضاف واسم الإشارة في «أولئك» مضاف إليه مبني على الكسر في محل جر، والكاف حرف خطاب «الأيام» بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة، وبدل المجرور مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله: «أولئك الأيام» حيث أشار بأولاء إلى الأيام، والأيام: جمع يوم، وهو من غير العقلاء، وفي ذلك دليل على جواز الإشارة بأولاء إلى جمع غير العاقل ومثله قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا} وقد قال ابن هشام: «ويروى الأقوام بدل الأيام، فلا شاهد فيه. وزعم ابن عطية أن هذه الرواية هي الصواب، وأن الطبري غلط إذ أنشده الأيام، وأن الزجاج اتبعه في هذا الغلط» اه.

كلامه. قال أبو رجاء غفر اللّه له ولوالديه: ورواية النقائض لمحمد بن حبيب «الأقوام» كما ذكره ابن عطية.

(١) سورة المجادلة، الآية: ١٢؛ ووجه الدلالة من هذه الآية أن الخطاب لجمع الذكور بدليل قوله سبحانه {لَكُمْ} وقد اقتصر في اسم الإشارة على كاف الخطاب مفتوحة من غير أن يضم إليها ميم الجمع، ودون هذه اللغة لغة ثالثة، وهي أي تلحق اسم الإشارة كاف مفتوحة في جميع الأحوال، ومن شواهد الاكتفاء بالكاف مع غير الواحد المذكر قول الشاعر، ولو أنه في غير اسم الإشارة:

ولست بسائل جارات بيتي ... أغيّاب رجالك أم شهود؟

(٢) قالوا في المفرد المذكر «ذلك» وفي المفردة المؤنثة «تلك» كما قالوا «تالك» بزيادة لام وكاف على اسم الإشارة الموضوع لكل منهما، وشواهد الأول والثاني كثيرة، قال اللّه تعالى: {ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ} وقال سبحانه: {تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ} ومن شواهد اللفظ الثالث قول القطامي:

تعلّم أنّ بعد الغيّ رشدا ... وأنّ لتالك الغمر انقشاعا

وأصل لام البعد هذه أن تكون ساكنة، فلما قالوا «ذلك» التقى ساكنان الألف في اسم الإشارة واللام، فكسروا اللام للتخلص من التقاء الساكنين، وكانت الحركة هي الكسرة لأنها الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، ولما قالوا: «تيلك»، اجتمع الساكنان، فحذفوا الياء للتخلص منهما ولأن الكسرة التي قبلها تدل عليها.