أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

فصل في أما

صفحة 210 - الجزء 4

  يدلّ على الأول مجيء الفاء⁣(⁣١)، بعدها.

  وعلى الثالث استقراء مواقعها، نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}⁣(⁣٢) {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ}⁣(⁣٣) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى}⁣(⁣٤) الآيات، ومنه: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}⁣(⁣٥) الآية، وقسيمه في المعنى قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}⁣(⁣٦) الآية؛ فالوقف دونه، والمعنى: وأمّا الراسخون فيقولون، وذلك على أن المراد بالمتشابه ما استأثر اللّه تعالى بعلمه.

  ومن تخلّف التّفصيل قولك (أمّا زيد فمنطلق)⁣(⁣٧).


(١) مجيء الفاء في نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} ووجه دلالة مجيء الفاء بعد أما على كونها دالة على الشرط ومتضمنة لمعناه أن الفاء لا يخلو حالها من أن تكون عاطفة أو زائدة أو واقعة في جواب الشرط، ولا يجوز أن تكون هذه الفاء عاطفة لأنها داخلة على خبر المبتدأ، ولا يعطف الخبر على مبتدئه، كما لا يجوز أن تكون هذه الفاء زائدة، إذ لو كانت زائدة لوقع الاستغناء عنها في الكلام الفصيح في السعة، ولم يقع، فلا تكون زائدة، وإذا بطل أن تكون عاطفة وبطل أن تكون زائدة، فقد لزم أن تكون واقعة في جواب الشرط، فدل ذلك على أن (أما) التي قبلها متضمنة معنى الشرط.

(٢) سورة الضحى، الآية: ٩.

(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٠٦.

(٤) سورة الليل، الآية: ٥.

(٥) سورة آل عمران، الآية: ٧.

(٦) سورة آل عمران، الآية: ٧.

(٧) لم يرتض ابن هاشم - في غير هذا الكتاب - أن يكون هذا المثال ونحوه لا تدل فيه أما على التفصيل، بل هي فيه وفي نحوه دالة على التفصيل، غاية ما في الباب أن قسم المذكور محذوف للعلم به من المقام، وبيان ذلك أن هذا الكلام لا يتكلم به المتكلم إلا إذا حصل تردد في شخصين نسبا جميعا أو نسب أحدهما إلى ما يذكر بعد أما، فإذا كنت تجادل في علي وخالد أيهما الخطيب المفوه مثلا فقلت (أما علي فخطيب مفوه) فتقدير الكلام: أما علي فخطيب مفوه، وأما خالد فليس كذلك، فلا تخلو أما عن =