[فصل: الإشارة إلى المكان]
  يُعَمَّرُ}(١) {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا}(٢).
(١) سورة البقرة، الآية: ٩٦.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٦٩.
ومما يجب أن تعلمه أن «أن» المفتوحة الهمزة المشددة النون توصل بجملة اسمية، وتؤول مع معموليها بمصدر، ثم إن كان خبرها مشتقا نحو «علمت أن زيدا نائم» كان المصدر من لفظه، أي علمت قيام زيد، وإن كان خبر أن جامدا، نحو علمت أن زيدا أخوك» كان المصدر من لفظ الكون مضافا إلى اسمها، أي علمت كون زيد أخاك، وإن كان خبرها ظرفا نحو «علمت أن زيدا عندك» أو جارا ومجرورا نحو «علمت أن زيدا في الدار» كان المصدر لفظ الاستقرار أو ما في معناه مضافا إلى الاسم، أي علمت استقرار زيد في الدار، أو عندك.
وأما «أن» المفتوحة الهمزة الساكنة النون أصالة فتوصل بالجمل الفعلية، التي فعلها مضارع إجماعا نحو قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} والتي فعلها ماض نحو:
«رضيت أن صاحبت زيدا» والتي فعلها أمر نحو «أرسلت إلى زيد أن اصنع ما كلفتك» على خلاف في الأخيرين.
وأما «ما» المصدرية فتوصل بالجملة الاسمية نحو «لا أصحبك ما زيد صديقك» وبالجمل الفعلية التي فعلها متصرف غير أمر، نحو «لا أرضى عنك ما صاحبت زيدا».
وأما «لو» فتوصل بالجمل الفعلية بشرط أن يكون فعلها متصرفا غير أمر، نحو قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}. وأما مجيء «الذي» موصولا حرفيا فهو وجه حكاه أبو علي الفارسي عن يونس بن حبيب، وقد مثلوا له بقوله تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} وسبب ذلك عندهم أن «الذي» مفرد، وما بعده جمع، فلو كان موصولا اسميا لقيل «كالذي خاض» أو لقيل «كالذين خاضوا» وقد يجاب عن ذلك بأحد جوابين، الأول أن «الذي» اسم موصول صفة لموصوف محذوف، وتقدير الكلام: خضتم خوضا كالخوض الذي خاضوا، والعائد ضمير محذوف منصوب بخاضوا: أي خاضوه، والجواب الثاني أن «الذي» اسم موصول للجميع، وأصله «الذين» فحذفت النون، كما حذفت في قول الأشهب بن رميلة:
وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد
فإن الكلام يدل على أنه أراد «وإن الذين حانت بفلج دماؤهم» فحذف النون، ونظيره قول الراحز:
يا ربّ عبس لا تبارك في أحد ... في قائم منهم ولا فيمن قعد
=