[الواحد والاثنان يخالفان الثلاثة والعشرة في حكمين]
  أحدهما: أنّهما يذكّران مع المذكّر؛ فتقول: واحد، واثنان، ويؤنّثان مع المؤنّث؛ فتقول: واحدة، واثنتان، والثّلاثة وأخواتها تجري على العكس من ذلك(١)، تقول: ثلاثة رجال، بالتّاء، وثلاث إماء، بتركها، قال اللّه تعالى: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ}(٢).
  والثاني: أنّهما لا يجمع بينهما وبين المعدود، لا تقول: واحد رجل، ولا اثنا رجلين؛ لأنّ قولك: (رجل) يفيد الجنسيّة والوحدة، وقولك: (رجلان) يفيد الجنسّية وشفع الواحد، فلا حاجة إلى الجمع بينهما(٣)، وأما البواقي فلا تستفاد
= تعالى: {فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً} وأما العدّ بتشديد الدال، مدغما فهو مصدر (عده يعده) مثل مده يمده مدا، وشده يشده شدا، وقال اللّه تعالى: {لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} وأما العدد في اصطلاح النحاة فهو (ما يساوي نصف مجموع حاشيتيه الصغرى والكبرى) وبيان ذلك أن الاثنين مثلا تساوي نصف مجموع الواحد والثلاثة؛ لأن مجموعهما أربعة، ونصف الأربعة اثنان، فالاثنان هو العدد المراد، وحاشيته الصغرى الواحد، والكبرى ثلاثة، لكن المراد من العدد المعقود له هذا الباب: الألفاظ الدالة على المعدود، كما قالوا: (الجمع) وأرادوا الألفاظ الدالة على المجموع.
(١) ذكر ابن مالك أن السر في ذكر التاء في الثلاثة والعشرة وما بينهما في عد المذكرين هو أن الثلاثة وأخواتها أسماء جموع مؤنثة مثل فرقة وزمرة وأمة، فأصلها أن تكون بالتاء على غرار نظائرها، ولما كان المذكر سابقا في الاستعمال على المؤنث استعملوا هذه الألفاظ على أصلها مع المذكر فقالوا (ثلاثة رجال) فلما أرادوا استعمالها مع المؤنث احتاجوا إلى الفرق بينه وبين المذكر، فلم يكن بد من حذف التاء منها فقالوا (ثلاث إماء) و (ثلاث جواز) وهكذا.
(٢) سورة الحاقة، الآية: ٧.
(٣) الأصل أنه لا يجمع بين الواحد والاثنين ومعدودهما، لا على طريق الإضافة بأن يقال (واحد رجل) و (اثنان رجلين) ولا على طريق الوصف بحيث يقال (رجل واحد) و (رجلان اثنان) للعلة التي ذكرها المؤلف، ويستثنى من هذا الأصل ما إذا أريد بيان أن المقصود باسم الجنس المعدود، لا الجنسية، فإن أريد ذلك جيء بالمعدود موصوفا باسم العدد، ومنه قوله تعالى: {وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ} =