أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: إضافة فاعل من ألفاظ العدد كثان وثالث، ووجه استعماله وبحث في أصل اشتقاقه]

صفحة 235 - الجزء 4

  ويجب فيه أبدا أن يذكّر مع المذكّر ويؤنّث مع المؤنّث، كما يجب ذلك مع ضارب ونحوه، فأمّا ما دون الاثنين فإنّه وضع على ذلك من أول الأمر، فقيل: واحد وواحدة.

  ولك في اسم الفاعل المذكور أن تستعمله - بحسب المعنى الذي تريده - على سبعة أوجه:

  أحدها: أن تستعمله مفردا، ليفيد الاتّصاف بمعناه مجردا. فتقول: ثالث، ورابع، قال:

  [٥٢٨] -

  لستّة أعوام وذا العام سابع


= فإن كنت تريد من ثالث معنى جاعل الاثنين ثلاثة كان مشتقا من مصدر (ثلثت الاثنين أثلثهما) أي جعلتهما ثلاثة، وذلك لأن العرب استعملت في هذا المعنى فعلا، ومصدرا، قال الجوهري في الصحاح: عشرت القوم أعشرهم عشرا، إذا صرت عاشرهم) اه.

وفي هذا يقول ابن مالك في شرح التسهيل (وقولهم مصوغ من العدد تقريب على المتعلم، وفي الحقيقة أنه مصوغ من الثلاث إلى العشر، وهي مصادر ثلثت الاثنين، إلى عشرت التسعة) وهذا هو الوجه الثالث في كلام المؤلف.

وإن كنت تريد بثالث مثلا أنه واحد من هذه العدة - وهو الوجهان الأول والثاني في كلام المؤلف - فهو مشتق من اسم العدد الذي هو ثلاثة، لأن العرب لم تستعمل فعلا ولا مصدرا بهذا المعنى، والاشتقاق من أسماء العدد من باب الاشتقاق من أسماء الأجناس التي ليست بمصادر، وهو وارد في كلام العرب كثيرا، فقد قالوا: استنوق الجمل، واستحجر الطين، وقالوا: استتيست الشاة، كما قالوا (تربت يداك) من التراب، ومثل هذا كثير.

[٥٢٨] - هذا الشاهد من كلام النابغة الذبياني، والذي أنشده المؤلف ههنا عجز بيت من الطويل، وصدره قوله:

توهّمت آيات لها فعرفتها

اللغة: (آيات) الآيات: جمع آية، وهي العلامة، وأراد العلامات الدالة على الدار وسكانها وذلك كالنؤي والأثافي، والأماكن التي كانوا يختلفون إليها ويترددون عليها. =