هذا باب كنايات العدد
  أحدها: (أن) كم الاستفهامية، تميّز بمنصوب مفرد، نحو: (كم عبدا ملكت) ويجوز جرّه بمن مضمرة جوازا إن جرّت كم بحرف، نحو: (بكم درهم اشتريت ثوبك) وتميّز الخبرية بمجرور مفرد أو مجموع، نحو: (كم رجال جاؤوك) و (كم امرأة جاءتك) والإفراد أكثر وأبلغ.
  والثاني: أنّ الخبرّية، تختص بالماضي كربّ، لا يجوز (كم غلمان سأملكهم)، كما لا يجوز (ربّ غلمان سأملكهم) ويجوز (كم عبدا ستشتريه).
  والثالث: أن المتكلم بها لا يستدعي جوابا من مخاطبه.
  والرابع: أنّه يتوجّه إليه التصديق والتكذيب.
  والخامس: أن المبدل منها لا يقترن بهمزة الاستفهام، تقول: (كم رجال في الدّار عشرون بل ثلاثون) ويقال (كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟).
  تنبيه: يروى قول الفرزدق:
  [٥٢٩] -
  كم عمّة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت عليّ عشاري
= ويكون الجواب مجرورا إن كان موضع كم جرّا كأن يقال لك (بكم اشتريت هذا الثوب) فتقول: (بثلاثين دينارا) ويجوز أن يؤتى بالجواب مرفوعا في جميع الأحوال.
الوجه السادس: وهو مترتب على الوجه الخامس - أن المتكلم بكم الخبرية يتوجه إليه التصديق أو التكذيب لأنه مخبر، فإن طابق خبره الواقع قيل له: صدقت، وإن لم يطابق خبره الواقع قيل له: كذبت.
الوجه السابع: أن كم الخبرية تدل على التكثير اتفاقا، فأما الاستفهامية فالجمهور على أنها لا تدل على التكثير، وزعم ابن طاهر وتلميذه ابن خروف أنها تدل عليه.
الوجه الثامن: أن الاسم المبدل من كم الخبرية لا يقترن بهمزة الاستفهام، تقول: (كم كتاب عندي ثلاثون بل أربعون) أما الاسم المبدل من كم الاستفهامية فيقترن بهمزة الاستفهام فتقول: (كم كتابا عندك أثلاثون أم أربعون؟) وهذا ظاهر العلة إن شاء اللّه تعالى.
[٥٢٩] - هذا بيت من الكامل، وهو كما قال المؤلف للفرزدق همام بن غالب، من كلمة له يهجو فيها جرير بن عطية بن الخطفي، وكان الهجاء بينهما مستديما. =