أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب كنايات العدد

صفحة 249 - الجزء 4

  وأما (كذا)⁣(⁣١) فيكنى به عن العدد القليل والكثير، ويجب في تمييزها النّصب، وليس لها الصّدر؛ فلذلك تقول: (قبضت كذا وكذا درهما).


= وجاء منها اسم الفاعل على زنة ضارب وقاتل وكاتب (حمّ) هيئ وقدر وكتب.

الإعراب: (اطرد) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (اليأس) مفعول به لاطرد (بالرجا) جار ومجرور متعلق باطرد (فكأي) الفاء حرف دال على التعليل مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، كأي: اسم بمعنى كثير مبتدأ مبني على السكون في محل رفع (آلما) منصوب على التمييز لكأي (حم) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب (يسره) يسر: نائب فاعل حم مرفوع بالضمة الظاهرة، ويسر مضاف وضمير الغائب مضاف إليه يعود إلى آلم (بعد) ظرف زمان منصوب بحم، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف و (عسر) مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، وجملة حم ونائب فاعله وما تعلق به في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو كأي، وكأنه قال: كثير من الآلمين قدر يسرهم بعد عسر.

الشاهد فيه: قوله (آلما) فإنه تمييز لقوله (كأي) وقد ورد في هذا البيت منصوبا فدل على أن تمييز (كأي) كما يكون مجرورا بمن في نحو قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} يكون منصوبا كما في هذا البيت، وهذا بخلاف تمييز (كم) الخبرية الذي لا يكون - عند الجمهور - منصوبا.

ونظيره قول الآخر:

وكائن لنا فضلا عليكم ومنّة ... قديما، ولا تدرون ما منّ منعم

(١) اعلم أولا أن (كذا) قد تأتي لغير الدلالة على العدد نحو قولك (قال فلان كذا) وجاء في الحديث «يقال للعبد يوم القيامة: أتذكر يوم كذا وكذا» وقال السيوطي (الذي شهد به الاستقراء وقضى عليه الذوق الصحيح أن كذا المكنيّ بها عن غير العدد إنما يتكلم بها من يخبر عن غيره، فتكون من كلامه لا من كلام المخبر عنه، فلا تقول ابتداء (مررت بدار كذا، أو بدار كذا وكذا) اه.

ثم اعلم (أن كذا) توافق كم في أربعة أمور، وهي: الاسمية، والبناء، والإبهام، والافتقار إلى التمييز، وهي توافق كأي في هذه الأربعة وفي خامس وهو أن كلّا من كأي وكذا مركب، أما كأي فقد ذكرنا ذلك معها وذكرنا أن من النحاة من قال إنها بسيطة، وأما كذا فإنها مركبة من كاف التشبيه و (ذا) الإشارية. =