هذا باب كنايات العدد
= ثم اعلم أن كذا تخالف (كم) في أربعة أمور:
الأول: أن كم بسيطة على المختار، و (كذا) مركبة مثل كأي على الصحيح.
والثاني: أن كذا لا يجب لها التصدير، بل تقع في حشو الكلام، وقد ذكر المؤلف هذا الوجه.
والثالث: أنه يجب في تمييز كذا النصب، فلا يجوز أن يكون تمييزها مجرورا بمن اتفاقا، وفي هذا خالفت كأي أيضا، كما لا يجوز أن يكون تمييز كذا مجرورا بالإضافة، هذا مذهب البصريين.
وقال الكوفيون: قد يكون تمييز كذا جمعا مجرورا بالإضافة، وقد يكون مفردا مجرورا بالإضافة، وقد يكون مفردا منصوبا، وبيان ذلك أنه يكنى بها عن جميع أنواع العدد، وهي تعامل مع تمييزها مثل معاملة العدد المكنيّ بها عنه، فإذا كني بها عن الثلاثة أو إحدى أخواتها أتي بها نفسها مفردة - أي غير مكررة - وبتمييزها جمعا مجرورا، فتقول (معي كذا دراهم) كما تقول؟ معي ثلاثة دراهم، إلى العشرة، وإذا كني بها عن الأحد عشر أو إحدى أخواتها أتي بها مكررة من غير عطف، وأتي بتمييزها مفردا منصوبا، فتقول (معي كذا كذا درهما) كما تقول (معي أحد عشر درهما) إلى تسعة عشر، وإذا كني بها عن العشرين أو إحدى أخواتها أتي بها مفردة - أي غير مكررة - وبتمييزها مفردا منصوبا، فتقول (معي كذا درهما) كما تقول (معي عشرون درهما - أو ثلاثون، إلى التسعين) وإذا كني بها عن الواحد والعشرين أو إحدى أخواتها أتي بها مكررة مع عطف اللفظ الثاني على الأول وبتمييزها مفردا منصوبا، فتقول (معي كذا وكذا درهما) كما تقول (معي واحد وعشرون درهما) إلى تسعة وتسعين، وإذا كني بها عن المائة أو إحدى مكرراتها أتي بها مفردة - أي غير مكررة - وبتمييزها مفردا مجرورا، فتقول (عندي كذا درهم) كما تقول (عندي مائة درهم - أو مائتا درهم، أو ثلاثمائة درهم، إلى تسعمائة درهم) وعلى هذا التفصيل قضى فقهاؤهم في باب الإقرار، فإذا قال المقر (لفلان عندي كذا دراهم) اعتبر مقرا بثلاثة دراهم، وإذا قال (لفلان عندي كذا كذا درهما) اعتبر مقرا بأحد عشر درهما، وإذا قال (له عليّ كذا درهما) اعتبر مقرا بعشرين درهما، وإذا قال (له عليّ كذا وكذا درهما) اعتبر مقرا بواحد وعشرين درهما، وإذا قال (له عندي كذا درهم) اعتبر مقرا بمائة درهم، ومن هذا التقرير تعلم أنهم يجيئون بتمييز كذا مفردا منصوبا في ثلاث صور، ومفردا مجرورا في صورة واحدة، وجمعا مجرورا -