هذا باب الحكاية
هذا باب الحكاية(١)
  حكاية الجمل(٢) مطّردة بعد القول، نحو: {قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}(٣)، ويجوز
= في صورة واحدة، وأن مثلها في هذه الصور كلها مثل تمييز أنواع العدد.
الوجه الرابع: مما تخالف فيه كذا كم وكأين: أن الكثير في كذا استعمالها معطوفا عليها نحو (كذا وكذا) حتى زعم ابن خروف أن العرب لم يقولوا (كذا درهما) بالإفراد، ولم يقولوا (كذا كذا درهما) بالتكرار من غير عطف، وإنما قالوا (كذا وكذا درهما) بالتكرار مع العطف، وهو محجوج برواية العلماء الأثبات ذلك، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وفي ذلك يقول ابن مالك في التسهيل (وقل ورود كذا مفردا، ومكررا بلا واو) اه، وقال مرة أخرى (وكنى بعضهم بالمفرد المميز بجمع عن ثلاثة وبابه، وبالمفرد المميز بمفرد عن مائة وبابه، وبالمكرر دون عطف عن أحد عشر وبابه، وبالمكرر مع عطف عن أحد وعشرين وبابه) اه، وهو ما قررناه لك في شرح مذهب الكوفيين، وواضح أنه يريد بالمفرد ما ليس مكررا، ولم يذكر ابن مالك في عبارته الأخيرة ما يكنى به عن العشرين وبابه ولو ذكره لقال (وبالمفرد المميز بمفرد مجرور عن مائة وبابه، وبمفرد منصوب عن عشرين وبابه) وعذره أنه لم يذكر حركات الإعراب في التمييز، ولا فرق بين المائة وبابه والعشرين وبابه إلا أن التمييز يكون مجرورا مع الأول ومنصوبا مع الثاني، وقد أطلت عليك، واللّه أعلى وأعلم.
(١) يقال: حاكيته أحاكيه، وشابهته أشابهه، وشاكلته أشاكله، وشاكهته أشاكهه، وماثلته أماثله. والمعنى العام لهذه الألفاظ كلها واحد، فالحكاية - ومثلها المحاكاة - في اللغة: المشابهة، وقد استعمل النحاة اللفظ الأول منهما - وهو الحكاية - وأرادوا منه (إيراد اللفظ المسموع على هيئته من غير تغيير فيه، أو إيراد صفته) فإذا قال لك قائل (رأيت زيدا) فقلت له (من زيدا) فقد أوردت لفظ زيد الذي سمعته على هيئته الإعرابية التي وقعت في كلام المتكلم من غير أن تغير فيه، وإذا قال لك (ضربت زيدا) فقلت (أيا) فقد أوردت صفة اللفظ الذي وقع في كلامه ولم تورد اللفظ نفسه.
(٢) الحكاية بالاستقراء على ثلاثة أقسام:
الأول: حكاية الجمل، وهي مختصة بالقول، وشاهدها الآية التي تلاها المؤلف، وقوله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ} وقوله سبحانه: {وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا}. =