هذا باب الحكاية
  حكايتها على المعنى، فتقول في حكاية (زيد قائم): (قال عمرو قائم زيد) فإن كانت الجملة ملحونة تعيّن المعنى على الأصح(١).
  وحكاية المفرد في غير الاستفهام شاذة كقول بعضهم: (ليس بقرشيّا) ردّا على من قال: (إنّ في الدّار قرشيّا).
  وأمّا في الاستفهام فإن كان المسؤول عنه نكرة والسؤال بأيّ أو بمن حكي في لفظ (أيّ) وفي لفظ (من) ما ثبت لتلك النكرة المسؤول عنها من رفع ونصب وجر وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع.
  تقول لمن قال: (رأيت رجلا، وامرأة، وغلامين، وجاريتين، وبنين، وبنات): أيّا، وأيّة، وأيّين، وأيّتين، وأيّين، وأيّات، وكذلك تقول في (من) إلّا أنّ بينهما فرقا من أربعة أوجه(٢):
= والثاني: حكاية المفرد، وأغلب ما تكون في الأعلام؛ لكثرة دورانها في كلامهم، ومثالها أن يقول لك قائل (رأيت محمدا) فتقول (من محمدا) فمن: اسم استفهام مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، ومحمدا: خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية؛ فالمحكي هنا هو محمد؛ لأنك جئت به في كلامك على إعرابه الذي جاء في كلام المتكلم الأول.
والثالث: حكاية حال المفرد، وأكثر ما تكون بأي وما، وكل منهما اسم استفهام.
(٣) سورة مريم، الآية: ٣٠
(١) إذا حكيت ما قال المتكلم الأول بألفاظه وترتيبها وهيئاتها فهذه حكاية اللفظ، وإلا فهي حكاية المعنى، وعلى هذا تشمل حكاية المعنى: تقديم بعض الكلام وتأخير بعضه الآخر، وإن كنت قد جئت بنفس الألفاظ التي قالها المتكلم، كما تشمل حكاية المعنى ما إذا جئت بكلام المتكلم بألفاظه وعلى ترتيبها ولكنك غيرت في حركات إعرابها أو في ضبط صيغ بعض ألفاظها، وإنما نبهتك إلى هذا لئلا تتوهم أنك لو جئت بنفس ألفاظ المتكلم ولكنك غيرت في ترتيبها أو في هيئاتها الإعرابية أو الصرفية كنت حاكيا اللفظ، في حين أن النحاة يعتبرونك في هذه الحالة حاكيا المعنى، فاعرف هذا.
(٢) الفرق بين (من) و (أي) في باب الحكاية من خمسة أوجه، وقد ذكر المؤلف منها أربعة على جهة الاختصار، ونحن نذكرها لك كلها مع التمثيل وبعض التفصيل. =