هذا باب الحكاية
= الوجه الأول: أن (من) خاصة بالسؤال عن العقلاء، فإذا قال لك قائل (زارني زيد أمس) قلت: منو، أو قلت: من زيد، وإذا قال لك (لقيت زيدا أمس) قلت: منا، أو قلت: من زيدا؟ وإذا قال لك (تحدثت مع زيد أمس حديثا طويلا) قلت: مني، أو قلت: من زيد، والأول فيما ذكرناه من مقولك في الأمثلة الثلاثة هو الحكاية بمن، والثاني في كل مثال هو حكاية العلم، أما (أي) فيسأل بها عن العقلاء مثل السؤال بمن، ويسأل بها عن غير العقلاء، فإذا قال لك قائل (كان مع زيد كتاب حسن) قلت:
أي كتاب؟ أو قلت: أي؟ وإذا قال لك (قد قرأت كتابا جيدا) قلت: أي كتاب؟ أو قلت: أيّا؟ وإذا قال لك (لقد وجدت هذا الرأي في كتاب معتمد عند العلماء) قلت: أي كتاب؟، أو قلت: أيّ، ولا تسأل في شيء من ذلك بمن.
الوجه الثاني: أن الحكاية بمن خاصة بحال الوقف، فإذا قال لك قائل (زارني أمس رجلان) قلت (منان) بسكون النون واقفا، وإذا قال لك (لقيت رجلين) قلت (منين) وكذلك إذا قال (سرت مع رجلين) ويغتفر في هذه الحال التقاء الساكنين لأنه مغتفر في الوقف، فإن أبيت إلا الوصل قلت في كل الصور (من يا فتى) أو قلت (من هو) أو (من هما) أو (من هم) أما الحكاية بأي فلا تختص بالوقف، بل تجوز الحكاية بها في الوصل وفي الوقف جميعا، فإذا قال لك قائل (زارني رجلان) جاز أن تقول (أيان) أو تقول (أيان هما) أو (أيان يا فتى) ولهذا كانت الحكاية بمن في الوصل في الشاهد رقم ٥٣١ على غير المنهج القويم، وكان على الشاعر أن يقول (من أنتم).
الوجه الثالث: أن الحكاية بأي خاصة بالنكرات كرجل وفتاة، فإذا قال قائل (زارني رجل) قلت: أي، أو قلت: أي هو، وإذا قال القائل (لقيتني فتاة) قلت: أية، أو قلت:
أية هي، وتقول في حكاية المثنى المذكر (أيان) رفعا، و (أيين) نصبا وجرا، وتقول في حكاية جمع المذكر (أيون) رفعا، و (أيين) نصبا جرا، وتقول في حكاية المثنى المؤنث (أيتان) رفعا، و (أيتين) نصبا أو جرا وتقول في حكاية الجمع المؤنث (أيات) برفع التاء في الرفع وبكسرها في الجر والنصب، هذه هي اللغة المشهورة من لغات العرب، وفي لغة أخرى تقول في حكاية المذكر مفردا كان أو مثنى أو مجموعا (أي) أو تقول (أي يا هذا) فتحكي حركة الإعراب والتذكير، ولا تحكي التثنية ولا الجمع، وتقول في حكاية المؤنث مفردا أو مثنى أو جمعا (أية) أو (أية يا هذا) فتحكي حركات الإعراب والتأنيث، ولا تحكي التثنية ولا الجمع، فإذا قال قائل (زارني زيد أمس) لم يكن لك -