هذا باب الحكاية
  أحدها: أن أيّا عامّة في السؤال، فيسأل بها عن العاقل كما مثّلنا، وعن غيره كقول القائل: (رأيت حمارا) أو (حمارين) و (من) خاصة بالعاقل.
  الثاني: أنّ الحكاية في (أيّ) عامة في الوقف والوصل. يقال: (جاءني رجلان)
= أن تحكي زيدا بأي، أما (من) فلا تختص الحكاية بها نفسها بحكاية النكرات، بل يجوز أن تحكي بها الأعلام أو النكرات على سواء، فإذا قال قائل (لقيت رجلا) قلت: منا، وإذا قال لك (جلست مع رجل أمس زمنا طويلا) قلت: (مني) وإذا قال لك قائل (زارني رجلان) قلت (منان) وإذا قال لك (لقيت رجلين) قلت (منين) وإذا قال (زارني رجال كرام) قلت (منون) وإذا قال (حدثتني فتاة حديثا قيما) قلت (منه) بفتح النون وسكون الهاء للوقف، ويجوز أن تقول (منت) بسكون النون مع بقاء التاء، وإذا قال لك (لقيتني فتاتان) قلت (منتان) وإذا قال لك (لقيت فتاتين) قلت (منتين) والأجود إسكان النون التي قبل التاء، وإذا قال لك (زارتني أمس فتيات) قلت (منات) بسكون تاء التأنيث، هذه هي اللغة الفصحى وخلاصتها أن تحكي ما للمسؤول عنه من الإعراب والتذكير أو التأنيث والإفراد أو التثنية أو الجمع، وفي لغة أخرى هي أن تحكي إعراب المسؤول عنه فقط، فتقول في الرفع (منو) وفي النصب (منا) وفي الجر (مني) سواء أكان المسؤول عنه مذكرا أم كان مؤنثا، وسواء أكان المسؤول عنه مفردا أم كان مثنى أم كان جمعا.
الوجه الرابع: أن (من) يجب فيها إشباع النون بعد تحريكها بحركة إعراب المسؤول عنه؛ فتقول (منو) و (منا) و (مني) كما سمعت، وأما أي فلا يجب إشباعها.
الوجه الخامس: أن ما قبل تاء التأنيث في أي واجب الفتح حين تقول (أية) أو (أيتان) أو (أيتين) أو أيات، أما ما قبل تاء التأنيث مع (من) إن قلت (منه) أو قلت (منتان) أو (منتين) أو قلت (منات) فيجوز فيما عدا جمع المؤنث الإسكان والفتح، لكن الأشهر في الإفراد الفتح لأنك حين تقول (منت) ستقف على التاء بالسكون فلو سكنت النون التقى ساكنان، ولما كان التقاء الساكنين مغتفرا في الوقف لم يجب الفتح، ولكنه يترجح، والأشهر في التثنية السكون، ولم يلتزموا الفتح ولم يجعلوه أكثر من كلامهم من الإسكان - مع أن الأصل فيما قبل تاء التأنيث أن يكون مفتوحا - لأنهم قصدوا أن يدلوا بالإسكان على أن هذه التاء ليست لتأنيث نفس اللفظ الذي لحقته، وإنما هي إيماء إلى تأنيث لفظ آخر هو المقصود بالحكاية، فتفطن لهذا.