[يجوز الإدغام والفك في ثلاث مسائل يجب فك الإدغام في مسألتين]
  تعالى: {ناراً تَلَظَّى}(١) {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ}(٢).
  وقد يجيء هذا الحذف في النّون، ومنه على الأظهر قراءة ابن عاصم:
  وكذلك نجي المؤمنين(٣)، أصله: ننجّي - بفتح النون الثانية - وقيل: الأصل:
  ننجي - بسكونها - فأدغمت كإجّاصة وإجّانة، وإدغام النّون في الجيم لا يكاد يعرف، وقيل: هو من نجا ينجو، ثم ضعّفت عينه وأسند لضمير المصدر ولو كان كذلك لفتحت الياء لأنّه فعل ماض.
  الثانية والثالثة: أن تكون الكلمة فعلا مضارعا مجزوما، أو فعل أمر، قال اللّه تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ}(٤)، فيقرأ بالفك وهو لغة أهل الحجاز، والإدغام وهو لغة تميم، قال اللّه تعالى {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}(٥) وقال الشاعر:
  [٥٨٢] -
  فغضّ الطّرف إنّك من نمير
(١) سورة الليل، الآية: ١٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٤٣.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٨٨.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢١٧.
(٥) سورة لقمان، الآية: ١٩.
[٥٨٢] - هذا الشاهد من كلام جرير بن عطية، من كلمة يهجو فيها عبيد بن حصين الراعي، والذي أنشده المؤلف صدر بيت من الوافر، وعجزه قوله:
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
اللغة: «غض الطرف» غض: فعل أمر، ونقول: غض فلان بصره، تريد طأطأه ونظر إلى الأرض، أو أغمضه، والطرف - بفتح الطاء وسكون الراء - البصر، وهذه الجملة كناية عن نهيه عن مباراة الكرام ومجاراتهم فيما يعملون «نمير» بضم النون على زنة المصغر - قبيلة أبوهم نمير بن عامر، ومنهم الراعي النميري الذي يهجوه جرير بهذا البيت وفيهم يقول أيضا (انظر الشاهد رقم ١٦٢ وشرحه):
بأيّ بلاء يا نمير بن عامر ... وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر
المعنى: يقول لمخاطبه: لا تتعد طورك، ولا تتجاوز قدرك، وقف عند الحد الذي تؤهلك له صفات قومك؛ فإنك من قبيلة وضيعة ليس لها شرف فلم تبلغ أن تكون في =