أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 143 - الجزء 1

  وأما «ذا» فشرط موصوليتها ثلاثة أمور:

  أحدها: أن لا تكون للإشارة، نحو: «من ذا الذّاهب»؟ و «ماذا التّواني؟»⁣(⁣١).

  والثاني: ألا تكون ملغاة، وذلك بتقديرها مركبة مع «ما» في نحو: «ماذا صنعت»⁣(⁣٢) كما قدّرها كذلك من «قال عمّاذا تسأل» فأثبت الألف لتوسّطها، ويجوز الإلغاء عند الكوفيين وابن مالك على وجه آخر، وهو تقديرها زائدة⁣(⁣٣).


= إعرابها بالحركات أبو جعفر النحاس الحلبي، وعليه ترفع بالضمة وتجر بالكسرة وتنصب بالكسرة نيابة عن الفتحة كجمع المؤنث، وتنون في الأحوال الثلاثة أيضا.

(١) إنما كانت «ذا» في هذين المثالين غير موصولة لأن ما بعدها فيهما اسم مفرد، والاسم المفرد لا يصلح أن يكون صلة لغير أل، ومتى لم تصلح لأن تكون موصولة كانت اسم إشارة إذ هي لا تكون إلّا على أحد هذين الوجهين، فإذا انتفى أحدهما ثبت الآخر.

(٢) ههنا فائدة، وحاصلها أن «ماذا» التي تركبت فيها «ما» مع «ذا» وصارتا كلمة واحدة دالة على الاستفهام: هل يجب لها الصدارة كبقية أسماء الاستفهام فلا يعمل فيها ما قبلها؟

أم تميزت بالتركيب عن بقية أخواتها وصارت بحيث يجوز أن تتأخر عن العامل فيها؟

من العلماء من ذهب إلى أنها كبقية أخواتها، وكما كانت قبل التركيب لا يجوز أن يعمل فيها ما قبلها فهي كذلك بعد التركيب، فكما لا تقول «صنعت ما» لا يجوز أن تقول «صنعت ما ذا»، ومن العلماء من قال: تختص «ماذا» من بين أدوات الاستفهام بجواز تقديم العامل فيها عليها، وهو الذي نرجحه، ونستدل عليه بحديث رواه البغوي في مصابيح السنة (١/ ٥ بولاق) في إسلام عمرو بن العاص، وفيه أن عمرا قال للنبي :

أريد أن أشترط، فقال له النبي : «تشترط ما ذا» وبما روي في حديث الإفك أن عائشة ^ كانت تقول: «أقول ما ذا» و «أفعل ما ذا» فاعرف هذا واحرص عليه.

(٣) ههنا أربعة أمور أحب أن أنبهك إليها.

الأول: أن المؤلف ذكر لإلغاء «ذا» معنيين، أحدهما أن تركب مع ما بحيث يصيران كلمة واحدة دالة على الاستفهام، والثاني أن تعتبر «ذا» زائدة، و «ما» اسم استفهام.

الأمر الثاني: أنك إذا قلت «ما صنعت» واعتبرت «ذا» موصولة كانت «ما» اسم استفهام مبتدأ، و «ذا» اسم موصول خبر المبتدأ، وجملة «صنعت» لا محل لها من الإعراب صلة، والعائد محذوف، وتقدير الكلام: أي شيء الذي صنعته، فإن اعتبرت» ذا ملغاة =