أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 144 - الجزء 1

  والثالث: أن يتقدمها استفهام بما باتفاق، أو بمن على الأصح، كقول لبيد:

  [٥٣] -

  ألا تسألان المرء ما ذا يحاول


= بالمعنى الأول كان «ماذا» اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول مقدم، وصنعت: فعل وفاعل، وكأنك قلت: أي شيء صنعت، وإن اعتبرت «ذا» ملغاة بالمعنى الثاني كان «ما» وحده اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول مقدم، و «ذا» زائد - والأظهر أنه لا يدل على شيء ولا معنى له، لأن هذا حكم الزائد.

الأمر الثالث: أن المؤلف ذكر تركب ذا مع ما وزيادة ذا مع ما، ولم يصرح بأن «ذا» تركب مع من، كما لم يصرح بأن «ذا» تزاد مع من، والذي وجدناه أن أبا البقاء وأحمد بن يحيى ثعلبا لا يجيزان تركيب «ذا» مع من، ونقل عنهما أن التركيب خاص بذا مع ما، وعللا هذا الحكم بأن «ما» أكثر إبهاما من «من» فيحسن فيها أن تجعل مع غيرها كاسم واحد ليكون ذلك أظهر لمعناها، هذا من جهة التركيب، فأما من جهة الزيادة فإن الكوفيين لا يأبون القول بزيادة الأسماء، والبصريين لا يجيزون زيادة الأسماء؛ فلو أننا اتخذنا ذلك أصلا لجاز لنا أن نقول: إن الكوفيين يجيزون أن تكون «ذا» زائدة مع من، وإن لم ينقل لنا نقل صريح يدل على ذلك، ويقوي ذلك أنهم صرحوا بزيادة «ذا» مع ما، كما نقول: إن البصريين لا يجيزون ذلك كما لم يجيزوا زيادة «ذا» مع ما.

الأمر الرابع: أنه يدل على اعتبار «ذا» موصولة أو ملغاة مجيء البدل بعدها، فإن كان البدل مرفوعا كما في بيت لبيد (الشاهد ٥٣) دل على أن ذا موصولة وسنبين لك وجهه في شرح البيت، إن شاء اللّه، وإن كان البدل منصوبا دل على إلغاء «ذا» واعتبار الاستفهام مفعولا مقدما.

[٥٣] - هذا صدر بيت من الطويل للبيد بن ربيعة العامري، وعجزه قوله:

أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

اللغة: «يحاول» من المحاولة، وهي استعمال الحيلة، وهي الحذق في تدبير الأمور وتقليب الفكر حتى يهتدى إلى المقصود «أنحب» يطلق النحب - بفتح النون وسكون الحاء - على عدة معان، منها النذر، وهو ما يوجبه الإنسان على نفسه، فإن أريد به هنا هذا المعنى كان مراده من البيت أن يقول: اسألوا هذا الحريص على الدنيا المهتم بها الذي لا يدع طريقا إلّا سلكه لبلوغ مآربه منها عن هذا الذي هو سادر فيه، أهو نذر =