أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 145 - الجزء 1


= أوجبه على نفسه فهو دائب على العمل لإنفاذه أم هو ضلال وباطل من أمره؟.

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح «تسألان» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وألف الاثنين فاعل «المرء» مفعول به «ما» اسم استفهام مبتدأ «ذا» اسم موصول بمعنى الذي خبر المبتدأ «يحاول» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المرء، والجملة من الفعل وفاعله لا محل لها صلة ذا الموصولة، والعائد ضمير منصوب بيحاول محذوف: أي ما الذي يحاوله «أنحب» الهمزة حرف استفهام، نحب:

بدل من ما الاستفهامية الواقعة مبتدأ، وبدل المرفوع مرفوع «فيقضى» الفاء حرف عطف يقضى: فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل مستتر فيه «أم» حرف عطف، «ضلال» معطوف على نحب «وباطل» معطوف على ضلال.

الشاهد فيه: قوله «ماذا يحاول» حيث استعمل «ذا» موصولة بمعنى الذي، وأخبر بها عن «ما» الاستفهامية، وأتى لها بصلة هي جملة «يحاول»، على ما بيناه في إعراب البيت.

فإن قلت: فلم لا يكون «ماذا» اسم استفهام وتكون «ذا» قد ألغيت لتركها مع «ما» حتى صارتا كلمة واحدة؟.

قلنا في الجواب عن هذا: لو كان الشاعر قد ركب «ذا» مع «ما» وصيرهما كلمة واحدة لكان موقع هذه الكلمة من الإعراب مفعولا به مقدما ليحاول؛ فتكون منصوبة المحل، وإنه ليمنع من ذلك أنه جاء بالبدل مرفوعا، فإن رفع البدل يدل على أن المبدل منه مرفوع، فاتضح أن هذا الوجه لا يجوز في هذا البيت، وكذلك كل ما جاء على نهجه.

فإن قلت: فلماذا تلتزمون أن يكون «ماذا» مفعولا به مقدما ليحاول؟ وهلا جعلتم «ماذا» مبتدأ، وجملة «يحاول» خبره؟ وعلى هذا يكون البدل مطابقا للمبدل منه؟.

قلنا في الجواب عن هذا: إنا لو جعلنا «ماذا» مبتدأ، وجملة «يحاول» خبره لكان الرابط بين جملة الخبر والمبتدأ محذوفا، وحذف الرابط في مثل ذلك ضعيف حتى أباه سيبويه ولم يجوزه، فلما لزم - إذا سرنا على ما أردت أن تسير عليه - ارتكاب هذا الوجه الضعيف الذي أباه شيخ النحاة - لم نرتض هذا الوجه من الإعراب.

وإذا لم يصح هذا الوجه لهذه العلة، ولم يصح الوجه الذي قبله للعلة التي بينا تعين أن يكون «ما» غير مركب مع «ذا» وأنهما كلمتان، لا كلمة واحدة، على ما أوضحناه في إعراب البيت، نعم لو كان ما بعد الاستفهام منصوبا كما جاء في قوله تعالى: {ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً} لكان «ذا» مركبا مع «ما» وكان مجموعهما مفعولا مقدما. ولو =