أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 146 - الجزء 1

  وقوله:

  [٥٤] -

  فمن ذا يعزّي الحزينا


= كان الفعل الواقع بعد «ذا» قد نصب مفعوله فقلت «ماذا يحاوله أنحب» لجاز أن يكون «ذا» قد ركب مع «ما» وأنهما جميعا كلمة واحدة مبتدأ، والجملة بعدها خبر في محل رفع، فأما والبدل مرفوع، والفعل غير ناصب للضمير، والأصل عدم التقدير، فليس إلّا ما ذكرنا.

ومثله قول العلاء بن حذيفة الغنوي:

وما ذا عليكم إن أطاف بأرضكم ... مطالب دين أو نفته حروب

[٥٤] - هذه قطعة من عجز بيت من المتقارب، وهو بتمامه:

ألا إنّ قلبي لدى الظّاعنين ... حزين، فمن ذا يعزّي الحزينا؟

وقد نسب ابن مالك هذا البيت إلى أمية بن أبي عائذ الهذلي، ونسبه العيني إلى أمية بن أبي الصلت، والصواب ما قاله ابن مالك، فإن البيت مطلع قصيدة عدتها ٥١ بيتا لأمية بن أبي عائذ الهذلي يمدح فيها عبد العزيز بن مروان، وهي موجودة في شرح أشعار الهذليين صنعة أبي سعيد السكري (ص ٥١٥).

اللغة: «الظاعنين» جمع ظاعن، وهو اسم فاعل من ظعن بمعنى سار، ضد أقام، وأراد بهم أحبابه الذين فارقوه «حزين» وصف من الحزن، وهو انقباض النفس وانصرافها عما يسر «يعزي» يسلي ويبعث الصبر إلى نفسه، ويقول: عزيته أعزيه تعزية، مثل سليته أسليه تسلية وزنا ومعنى.

المعنى: يصف نفسه وما فعل به فراق أحبابه حيث غادروه كئيبا بلا قلب، ثم سأل عمن يعزيه، فيقول: إن قلبي أسير قد استلبه أحبابنا المرتحلون عنا المفارقون لمآلفنا ومراتع أنسنا بهم، وإن هذا القلب لحزين، فهل له من يسليه عن أحبابه؟ والأحسن أن يكون الاستفهام هنا إنكاريا بمعنى النفي، وكأنه قال: ليس له من يعزيه.

الإعراب: «ألا» أداة استفتاح «إن» حرف توكيد ونصب «قلبي» قلب: اسم إن منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وقلب مضاف وياء مضاف و «الظاعنين» مضاف إليه «حزين» خبر ثان لأن «فمن» اسم استفهام مبتدأ «ذا» اسم موصول بمعنى الذي خبر المبتدأ «يعزي» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذا =