هذا باب الموصول
= والحسد: تمني زوال نعمة المحسود «يجور عليّ قومي» يظلمونني ويجاوزون معي الحدود «وأي الدهر ذو لم يحسدوني» يريد وأي وقت من الأوقات الذي لم يحسدوني فيه، يعني أن حسدهم إياه دائم متواصل.
الإعراب: «من حسد» جار ومجرور متعلق بقوله «يجور» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة «عليّ» جار ومجرور متعلق بيجور أيضا «قومي» قوم: فاعل يجور، مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «وأي» الواو استئنافية، أي: اسم استفهام مبتدأ، وهو مضاف و «الدهر» مضاف إليه «ذو» اسم موصول بمعنى الذي خبر المبتدأ الذي هو أي «لم» حرف نفي وجزم وقلب «يحسدوني» فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة فاعله، والنون الموجودة للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، وجملة الفعل المضارع وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة الموصول، والعائد إلى الموصول من هذه الجملة ضمير مجرور بفي محذوف، والتقدير: لم يحسدوني فيه.
الشاهد فيه: قوله «ذو لم يحسدوني» حيث حذف العائد إلى الموصول من جملة الصلة، أما الموصول فهو قوله «ذو» ومعناه الذي، وأما جملة الصلة فهي قوله «لم يحسدوني» وأما العائد فهو ضمير مجرور بحرف جر محذوف أيضا، والتقدير: لم يحسدوني فيه، والحذف في هذه الحالة - عند جمهرة العلماء - شاذ لا يسوغ أن يقاس عليه، لأن الموصول أو الموصوف به لم يقع مجرورا بحرف مثل الحرف الذي جر العائد المحذوف. وقد سهّل الحذف في هذا البيت كون الموصوف بالموصول تقديرا اسما مرادا به زمان وكون الضمير العائد إليه مجرورا بفي التي تخطر بالبال كما خطر به اسم الزمان، ألا ترى أنك إذا قلت «سرني اليوم الذي جئت» فهم من ذلك المراد وأنك تقصد «سرني اليوم الذي جئت فيه» فأما غير اسم الزمان فإن الجار ما لم يذكر لم يتعين في الذهن، ومن أجل ذلك ذهب بعض العلماء إلى أن الحذف في مثل هذا البيت قياسي، وعلى ذلك يكون المدار عند هؤلاء في جواز حذف العائد المجرور: أن يتعين في الذهن مع حذفه، ولهذا التعين أسباب: أولها أن يكون الموصول أو موصوفه مجرورا بمثله إلخ، وثانيها أن يعهد تعدية الفعل المذكور في الكلام به، وثالثها أن يكون الموصوف بالموصول زمانا والحرف في، وهذه الطريقة هي التي اختارها المحقق الرضي كما فصلناه لك فيما سبق.