هذا باب المبتدأ والخبر
  خلافا للناظم وابنه؛ لجواز كون الوصف خبرا مقدما، وإنما صحّ الإخبار به
= ناهية «تك» فعل مضارع ناقص مجزوم بلا، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ملغيا» خبره، وهو اسم فاعل فيحتاج إلى فاعل، وفاعله ضمير مستتر فيه «مقالة» مفعول به لملغ «لهبي» مضاف إليه «إذا» ظرف للمستقبل من الزمان، ويجوز أن يكون مضمنا معنى الشرط «الطير» فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور بعده، والتقدير: إذا مرت الطير، والجملة من الفعل المحذوف وفاعله في محل جر بإضافة «إذا» إليها، وهي الشرط، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام، والتقدير: إذا مرت الطير فلا تك ملغيا - إلخ «مرت» فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على «الطير» والجملة لا محل لها من الإعراب مفسرة.
الشاهد فيه: قوله «خبير بنو لهب» حيث استغنى بفاعل خبير عن خبر المبتدأ، مع أنه لم يتقدم على الوصف نفي ولا استفهام، هذا توجيه الكوفيين والأخفش للبيت، ومن ثم لم يشترطوا تقدم النفي أو نحوه على الوصف.
ويرى البصريون - ما عدا الأخفش - أن قوله «خبير» خبر مقدم، وقوله «بنو» مبتدأ مؤخر. وهذا هو الراجح الذي نصره العلماء كافة، فإن زعم أحد أنه يلزم على هذا محظور، وسببه أن شرط المبتدأ والخبر أن يكونا متطابقين: إفرادا، وتثنية، وجمعا، وهنا لا تطابق بينهما؛ لأن «خبير» مفرد و «بنو لهب» جمع، فلزم على توجيه البصريين الإخبار عن الجمع بالمفرد، فالجواب على هذا أيسر مما تظن؛ فإن «خبير» في هذا البيت يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد والمثنى والجمع، بسبب أنه على زنة المصدر مثل الذميل والصهيل، والمصدر يخبر به عن الواحد والمثنى والجمع بلفظ واحد، تقول: محمد عدل، والمحمدان عدل، والمحمدون عدل، ومن عادة العرب أن يعطوا الشيء الذي على زنة شيء حكم ذلك الشيء، وقد وردت صيغة فعيل مخبرا بها عن الجماعة، والدليل على أنه كما ذكرنا وروده خبرا ظاهرا عن الجمع في نحو قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} وقول الشاعر:
هنّ صديق للّذي لم يشب
وإذا علمت هذا أدركت أن الغرض هو إبطال حجة الكوفيين والأخفش بأن هذا الدليل الذي استدلوا به قد تطرق إليه الاحتمال، ومتى تطرق الاحتمال للدليل سقط الاستدلال به. =