أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المبتدأ والخبر

صفحة 178 - الجزء 1

  والجملة إما نفس المبتدأ في المعنى؛ فلا تحتاج إلى رابط، نحو: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}⁣(⁣١) إذا قدّر «هو» ضمير شأن، ونحو: {فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣(⁣٢)، ومنه «نطقي اللّه حسبي» لأن المراد بالنطق المنطوق به.

  وإما غيره فلا بدّ من احتوائها على معنى المبتدأ الذي هي مسوقة له⁣(⁣٣)، وذلك


= المقصود إلى ذهن السامع من غير تردّد، فلا لبس في الكلام بحيث يفهم منه معنى غير الذي يقصد إليه المتكلم، فإنه لا يمكن أن يتسرب إلى ذهنك أن «ذرا المجد» بانية؛ ولكنك ستفهم لأول وهلة أن «بانوها» وصف للمبتدأ الأول الذي هو «قومي»، وهذا الذي يدل عليه هذا البيت - من عدم إبراز الضمير إذا أمن الالتباس، وقصر وجوب إبرازه على حالة الالتباس - هو مذهب الكوفيين في الخبر والحال والنعت والصلة، قالوا في جميع هذه الأبواب: إذا كان واحد من هذه الأشياء جاريا على غير من هو له ينظر: فإن كان يؤمن اللبس ويمكن تعيين صاحبه من غير إبراز الضمير فلا يجب إبرازه، وإن كان لا يؤمن اللبس واحتمل عوده على من هو له وعلى غير من هو له وجب إبرازه، والبيت حجة لهم في ذلك، والبصريون يوجبون إبراز الضمير بكل حال، ويرون مثل هذا البيت غير موافق للقياس الذي عليه أكثر كلام العرب؛ فهو شاذ.

ومنهم من خرج هذا البيت على أن «ذرا المجد» ليس مبتدأ كما أعربه الكوفيون، بل هو مفعول به لوصف محذوف يدل عليه الوصف المذكور، و «بانوها» المذكور بعده بدل من الوصف المحذوف، وتقدير الكلام: قومي بانون ذرا المجد بانوها؛ فالخبر محذوف وهو جار على من هو له، وفي هذا التخريج من التكلف ما لا يخفى.

(١) سورة الإخلاص، الآية: ١.

(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٩٧.

(٣) يشترط في الجملة التي تقع خبرا عن المبتدأ ثلاثة شروط:

الأول: أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ، وقد ذكر المؤلف هذا الشرط، وفصل القول فيه.

والشرط الثاني: ألا تكون الجملة ندائية؛ فلا يجوز أن تقول: محمد يا أعدل الناس، على أن تكون جملة «يا أعدل الناس» خبرا عن محمد.

الشرط الثالث: ألا تكون مصدرة بأحد الحروف: لكن. وبل. وحتى.

وقد أجمع النحاة على ضرورة استكمال جملة الخبر لهذه الشروط الثلاثة؛ وزاد ثعلب =