أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب شرح الكلام، وشرح ما يتألف الكلام منه:

صفحة 18 - الجزء 1

  وزاد بعضهم التنوين الغالي، وهو: اللاحق للقوافي المقيّدة زيادة على الوزن، ومن ثمّ سمّي غاليا، كقوله:

  [٢] -

  قالت بنات العمّ يا سلمى وإنن ... كان فقيرا معدما قالت وإنن


= فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والألف للإطلاق؛ والجملة من الفعل وفاعله لا محل لها من الإعراب جواب القسم المحذوف، وجملة القسم وجوابه في محل نصب مفعول به لقولي.

الشاهد فيه: قوله: «العتابن» وقوله: «أصابن» حيث دخل تنوين الترنم عليهما، فدل ذلك على أن هذا التنوين ليس مختصا بالاسم، فلا يكون علامة على اسمية ما يدخل عليه كتنوين التنكير مثلا. وآية ذلك أنه دخل على الفعل الماضي في «أصابن» ودخل على الاسم المقترن بأل في «العتابن». والمختص بالاسم لا يدخل على واحد منهما، أما أن ذلك مستقيم في الداخل على الفعل فظاهر، وأما في الداخل على المقترن بأل فلأن التنوين المختص بالاسم ينافي «أل» لأن أل تدل على تعرف الاسم وتعينه، وأما التنوين المختص بالاسم فيدل على شياعه وعدم اختصاصه بفرد معين من أفراد جنسه، فلو كان تنوين الترنم من الأنواع الخاصة بالاسم لكان في الكلمة الواحدة علامتان كل واحدة منهما تدل على ضد ما تدل عليه الأخرى، وهذا مما لا يصح أن يذهب إليه العرب في كلامهم الفصيح.

ومن أمثلة تنوين الترنم قول النابغة الذبياني:

أفد التّرحّل غير أنّ ركابنا ... لمّا تزل برحالنا، وكأن قدن

فقد لحق هذا التنوين «قد» وهو حرف؛ فدل لحاقه له على أنه ليس مختصا بالاسم، وهو ظاهر.

[٢] - ينسب النحاة هذا البيت إلى رؤبة بن العجاج، وينشدون قبله:

قالت سليمى ليت لي بعلا يمنّ ... بغسل جلدي وينسّيني الحزن

وقد راجعت ديوان أراجيز رؤبة بن العجاج المطبوع في مدينة ليبسك فلم أجد هذا الرجز في أصل الديوان، وقد ذكره ناشره في ملحق جمع فيه ما أضيف إلى رؤبة من الرجز في كتب الأدب واللغة ونحوها وليس في أصل الديوان الذي نشر عنه.

اللغة: «سليمى» تصغير سلمى، وهو اسم امرأة «بعلا» زوجا «معدما» اسم الفاعل من مصدر «أعدم الرجل» إذا كان فقيرا لا مال له، ومعنى هذا البيت قريب من قولهم في مثل «زوج من عود، خير من قعود». =