أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المبتدأ والخبر

صفحة 191 - الجزء 1

  [٧٣] -

  أمّ الحليس لعجوز شهربه

  فالتقدير: لهي عجوز، أو اللام زائدة لا لام الابتداء، أو متأخرا عنه نحو:

  «غلام من في الدّار» و «غلام من يقم أقم معه» و «مال كم رجل عندك» أو مشبّها به،


[٧٣] - هذا بيت من الرجز المشطور، وبعده:

ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه

ونسبه جماعة - منهم الصاغاني - إلى عنترة بن عروس، وهو رجل من موالي بني ثقيف، ونسبه آخرون إلى رؤبة بن العجاج، والأول أكثر وأشهر، ورواه الجوهري في الصحاح وابن منظور في اللسان غير منسوب إلى قائل معين.

اللغة: «الحليس» هو تصغير حلس، والحلس - بكسر فسكون - كساء رقيق يوضع تحت البرذعة، وهذه الكنية في الأصل كنية الأتان - وهي أنثى الحمار - أطلقها الراجز على امرأة تشبيها لها بالأتان «شهربة» بفتح الشين والراء بينهما هاء ساكنة المراد بها ههنا الكبيرة الطاعنة في السن «ترضى من اللحم» من هنا بمعنى البدل، مثلها في قوله تعالى:

{لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً} أي بدلكم، وإذا قدرت مضافا تجره بالباء وجعلت أصل الكلام ترضى من اللحم بلحم عظم الرقبة - كانت من دالة على التبعيض.

الإعراب: «أم» مبتدأ وهو مضاف و «الحليس» مضاف إليه «لعجوز» خبر المبتدأ «شهربة» صفة لعجوز «ترضى» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى أم الحليس، والجملة صفة ثانية لعجوز «من اللحم» جار ومجرور متعلق بترضى «بعظم» مثله، وعظم مضاف، و «الرقبة» مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله: «لعجوز» حيث جاء فيه ما ظاهره تأخير الخبر المقترن بلام الابتداء، ولهذا ذهب العلماء إلى أن اللام ليست لام الابتداء، ولكنها زائدة في خبر المبتدأ، والذهاب إلى زيادة اللام أحد تخريجات في البيت، ومنها أن «عجوز» خبر لمبتدأ محذوف كانت اللام مقترنة به، وأصل الكلام: أم الحليس لهي عجوز - فحذف المبتدأ فاتصلت اللام بخبره وهي في صدر المذكور من جملتها.

ومثل هذا البيت قول أبي عزة عمر بن عبد اللّه بن عثمان يمدح رسول اللّه ، وقد امتن عليه يوم بدر:

فإنّك من حاربته لمحارب ... شقيّ، ومن سالمته لسعيد

اللام في «لمحارب» وفي «لسعيد» زائدة، أو التقدير: من حاربته لهو محارب، ومن سالمته لهو سعيد، وقد ذكر المؤلف هذين التخريجين في البيت المستشهد به.