أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

فصل: وللخبر ثلاث حالات:

صفحة 193 - الجزء 1

  إحداها: أن يوقع تأخيره في لبس ظاهر، نحو «في الدّار رجل» و «عندك مال» و «قصدك غلامه رجل» و «عندي أنّك فاضل»، فإنّ تأخير الخبر في هذا المثال يوقع في إلباس «أن» المفتوحة بالمكسورة، و «أن» المؤكّدة بالتي بمعنى لعلّ، ولهذا يجوز تأخيره بعد «أما» كقوله:

  [٧٤] -

  ... وأمّا أنّني جزع ... يوم النّوى فلوجد كاد يبريني


= تقترن بالمبتدأ - نحو «لقائم زيد» ففي هذه الحالة لا يجوز تأخير الخبر وهو مقترن باللام، فلا تقول «زيد لقائم» ولهذا قالوا في «أم الحليس لعجوز» وهو الشاهد رقم ٧٣: إن اللام ليست لام الابتداء، بل هي زائدة، ولئن سلم أنها لام الابتداء فليس قوله «لعجوز» خبرا عن أم الحليس، بل خبر مبتدأ محذوف، ولئن سلمنا أنها لام الابتداء وما بعدها خبر عما قبلها فهو شاذ لا يجوز القياس عليه.

[٧٤] - هذه قطعة من بيت من البسيط، وهو بتمامه هكذا:

عندي اصطبار، وأمّا أنّني جزع ... يوم النّوى فلوجد كاد يبريني

ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق تتصل به.

اللغة: «اصطبار» تصبر وتجلد، وإظهار لاحتمال البين وفرقة الأحباب «جزع» بفتح الجيم وكسر الزاي - شديد الخوف فاقد الصبر، وهو صفة مشبهة من جزع يجزع - من باب أسف - فهو جازع وجزع وجزوع «النوى» البعد والفراق «لوجد» الوجد: الحب الشديد «يبريني» الأصل في هذه المادة قولهم: برى فلان العود والقلم والقدح يبريه بريا إذا نحته، وقالوا: بريت البعير، إذا هزلته وأذهبت لحمه، وفي حديث حليمة السعدية أنها خرجت في سنة قد برت المال، ومعناه هزلت الإبل وأخذت من لحمها لجدبها وقحطها.

المعنى: يصف جزعه على فراق أحبته، ويبين السر في ظهور قلقه وخوفه، ويقول: إن في طبعه الصبر على ما ينزل به من المكروه، فإن كان قد خانه التجلد في هذه المرة فلأن الحادث مما لا يمكن احتماله.

الإعراب: «عندي» عند: ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، وعند مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «اصطبار» مبتدأ مؤخر «وأما» حرف شرط وتفصيل وتوكيد «أنني» أن:

حرف توكيد ونصب، والنون للوقاية، وياء المتكلم اسم أن «جزع» خبر أن، وأن مع معموليها في تأويل مصدر يقع مبتدأ «يوم» ظرف زمان متعلق بجزع، ويوم مضاف =