أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب المبتدأ والخبر

صفحة 195 - الجزء 1

  الثالثة: أن يكون لازم الصّدريّة، نحو: «أين زيد»؟ أو مضافا إلى ملازمها، نحو: «صبيحة أيّ يوم سفرك».

  الرابعة: أن يعود ضمير متصل بالمبتدأ على بعض الخبر، كقوله تعالى: {أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها}⁣(⁣١)، وقول الشاعر:

  [٧٥] -

  ... ولكن ملء عين حبيبها


(١) سورة محمد (القتال)، الآية: ٢٤.

[٧٥] - هذه قطعة من عجز بيت من الطويل، وهو بتمامه:

أهابك إجلالا، وما بك قدرة ... عليّ، ولكن ملء عين حبيبها

والبيت نسبه قوم منهم أبو عبيدة البكري في شرحه على الأمالي لنصيب بن رباح الأكبر، ونسبه آخرون - ومنهم ابن نباتة المصري في كتابه «سرح العيون» - إلى مجنون بني عامر في أبيات أولها قوله:

دعا المحرمون اللّه يستغفرونه ... بمكّة يوما أن تمحّى ذنوبها

اللغة: «أهابك» من الهيبة وهي المخافة «إجلالا» إعظاما لقدرك.

المعنى: إني لأهابك وأخافك، لا لاقتدارك علي، ولكن إعظاما لقدرك، لأن العين تمتلئ بمن تحبه فتحصل المهابة.

الإعراب: «أهابك» أهاب: فعل مضارع، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والضمير البارز المتصل مفعول به، مبني على الكسر في محل نصب «إجلالا» مفعول لأجله «وما» الواو واو الحال، وما: نافية «بك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «قدرة» مبتدأ مؤخر «على» جار ومجرور متعلق بقدرة، أو بمحذوف نعت لقدرة «ولكن» حرف استدراك «ملء» خبر مقدم، وملء مضاف «عين» مضاف إليه «حبيبها» حبيب: مبتدأ مؤخر، وحبيب مضاف والضمير مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله «ملء عين حبيبها» فإنه قدم الخبر - وهو قوله «ملء عين» - على المبتدأ، وهو «حبيبها»، لاتصال المبتدأ بضمير يعود على ملابس الخبر، وهو المضاف إليه، فلو قدمت المبتدأ - مع أنك تعلم أن رتبة الخبر التأخير - لعاد الضمير الذي اتصل بالمبتدأ على متأخر لفظا ورتبة، وذلك لا يجوز، لكن بتقديمك الخبر قد رجعت الضمير على متقدم لفظا وإن كانت رتبته التأخير، وهذا جائز، لا إشكال فيه.

وذهب ابن جني إلى أن «ملء عين» مبتدأ، و «حبيبها» خبره، وليس في البيت تقديم ولا =